مقالات

الإنسان يبحث عن معنى

✍️ شيماء عبد المجيد

“الإنسان يبحث عن معنى” هو عنوان كتاب “لفيكتور فرانكل”؛ يتناول الكتاب حياة مجموعة من المعتقلين في أحد المعسكرات وما يتعرضون له من تعذيب وقهر.

ثم يحاول الإجابة عن السبب الذي يدفع الإنسان للبقاء والحفاظ على حياته رغم كل ما يعانيه من تعذيب ويكابده من مشقة؟

فيسترسل في كتابه مجيبًا، أن كل إنسان في المعتقل كان له دافع يُبقي الأمل بداخله جاعلًا إياه يتمسك بحياته؛ فمنهم من تنتظره عائلة بالخارج، ومنهم من يريد إكمال رسالته العلمية ومنهم من يبقيه الأمل فقط؛ الأمل في الخروج وحياة أخرى.

قد تكون تلك الأسباب هي الأسباب المعلنة الواعية؛ ولكني أعتقد بوجود سبب آخر غير معلن يستتر بداخلنا هو أننا جبلنا على حب البقاء لدينا نزعة غريزية في الخلود منذ عهد آدم؛ ألم يخالف أبينا آدم أمر الله لأجل تلك الشجرة؛ شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى؟

لقد خلقنا الله وزرع فينا معنى البقاء والبحث عن الديمومة
فصار الإنسان لهذا المعنى مستكشفًا لما حوله باحث دائمًا عن الأفضل له وللبيئة التي يعيش فيها ساعيًا لأن يترك أثرًا معتمدًا في ذلك على قدرته على التعلم التي منحه الله إياها، ولولا هذه الفطرة لكنا نعيش في العصور الحجرية إلى الآن.

الحياة نفسها هي المعنى الذي يعيشه الإنسان، قد تختلف صورتها لدى البعض ولكن بالأخير جميعنا يسعى للبقاء بالجسدِ أو بالأثرِ الذي يتركه وراءه وكأنه يريد القول لقد مررت من هنا وذاك الأثر.

فيعيش الإنسان دائمًا ويعمل ويجتهد على أمل أن يبقى، فمنا من تشغله الحياة الدنيا ويسعى لامتلاك كل شيءٍ فيها لعله يخلد، ومنا من يترك الدنيا وزينتها ساعيًا للخلود في حياة أخرى.

حتى من يقدمون على الانتحار ليس غايتهم إنهاء حياتهم وإنما الوصول لحياة أخرى بلا ألم يعيشونها، فالألم أفقدهم فطرة الحفاظ على حياتهم التي جبلوا عليها وبالرغم من ذلك ظلوا محتفظين بأثرٍ منها ببحثهم عن البقاء في عالم آخر بلا ألم.

البقاء هو المعنى الذي نعيش لأجله ولكن علينا أن نجعل منه قيمة تضيف للحياة كما أضاف من سبقونا إليها، فلا نفع من هذا البقاء إن لم يكن بلا شيء نقدمه.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!