خواطر

استسلام لأربعٍ وعشرين ساعة

✍️ ولاء صلاح عبد الكريم

عن قصة فيلم، حيث يعيش البطل محصورًا داخله في مشهد واحد فقط يتكرر، يكون فيه البطل ساقطًا على الأرض يبكي وحيدًا وسط ظلام الليل فاقدًا قواه، وبالرغم من ذلك عليه أن يمضي في قصته، تُعزف في خلفية الفيلم مقطوعة واحدة حزينة، يظل البطل يحاول أن يغير المشهد قليلًا ولكنه يعود مجددًا إليه.

بعد أن أدرك البطل حقيقة عدم جدوى محاولاته المستمرة لكي يجعل الأحداث تتغير في حياته، قرر أن يسطر خيباته وتعثراته التي لم يتبعها ذلك النجاح الباهر أو السعادة الأبدية، وأن يحكي عن تلك الأبواب التي أغلقت في وجهه فقصد غيرها فأغلقت أيضًا بكل برود وقسوة، ويرسم كلمات تجسد ذلك الليل الذي لم يتبعه الصباح، والوحدة الأبدية التي لا تنتهي بمحاولاته المستميتة، وعن قطرات دموعه الذي ذرفها لسنوات دون أن يُكتب لها أن تُمسح وتُستبدل بابتسامة.

أن يستسلم ليوم واحد فقط وأن يكتب بيديه حروف الاستسلام على صفحات الورق الأبيض، يداه تتمرد وتأبى أن تكتب تلك الحروف بذلك الترتيب، وعيناه ترفض أن ترى مكتوباته فتملؤها الدموع، يظل يقاوم ويكتب حرفًا بعد حرف، ليجبرهم على طاعته ليوم واحد فقط.

وبعد أن انتهى من كتابة حروف الاستسلام وتملكه شعوره، حينها فقط أدرك أنه لم يكن يستسلم للظروف أو عن محاولات تغيير حياته، وإنما استسلم عن فكرة كانت تراوده منذ زمن، فكرة كونه بطلًا في قصة مملة ليس له دور حقيقي فيها، تلك الفكرة التي أخذت تسيطر على تفكيره حتى وأكثر وتملكت حياته وتصرفاته.

وبعدها لم يعد ذلك البطل يرى في تكرر أحداث حياته شيء يعيبه، بل أدرك أن هذا التكرار ما سيجعل التغيير واضحًا للغاية وأكثر تشويقًا وأبقى أثرًا، لكي تكون قصته استثنائية وتحفة فنية وليس مجرد فيلم يعرض، وفي ذات اللحظة تحولت ألحان الفيلم إلى ألحان عذبة دافئة، وبدأ التغيير يطرق على بابه ليصبح النجم الأكثر لمعانًا.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!