ابداعات

رسائل لم تصل

عبدالله الحداوي

أعلمك أنك يا ابنتي أصبحت في مكان لا سبيل لكلماتي بالوصول إليه، تمر عليّ أيام تصبح فيها روحي من فرط ثقل مافيها ثقيلة كغيمة إذا ما أمطرت بكت ما كتم فؤادي؛ فما لا يحكي يُبكي، لازلتْ أذكر ترنيمة صوتك الطفولي وهو يناديني لازالت تلك القصص الخيالية التي كنت أقصها عليك تمر في بالي، لا زالت تفاصيلك الصغيرة تمر أمام عيني كفيلمٍ، حزين أثناء شرودي في محتويات الفراغ، صغيرتي أسف لأنني لست موجودًا لأحتضن حزنك.

لكنني مُتعَبٌ؛ من كل شيء، بسببٍ وبلا سبب، بلا دواعي أعرفها، أو مُقدماتٍ أسردها، مُتعَبٌ مني، ومن الناس، ومن كلامي، ومن صمتي، من يومي، ومن أمسي، من تفاؤلي، ومن يأسي، ممن هم بعيدونَ عني، وممن هُم حولي

ذهبت يا ابنتي وذهب الوطن وتبقى لي بكل مكانٍ ذكرى، وبكل شارعٍ حكاية، وذكريات التفاصيل اللذيذة التي ترتبط بأيامنا الحلوة لا تُنسى، حاضِرةٌ هي بشدة خاصة لحظة المرور بأماكِنها، وأنا لا أخاصِمُ الشوارع ولا أريد صناعة ذكرياتٍ جديدة رغم الألم، ورغم عدوى الفراق التي تنتقلُ لكل من أحب

فنفسي تُصرُّ على احتضان كل ما مررنا به معًا، والغريب أنها تعلَّمت ألا تبكِي، صبرًا أم وفاءً؟ لا أدري!

على كل حال، فأنا أعود من جديد لذات الأماكن، وحدي ضاحكًا أستحضِر الذكرى، لكني لا أستطيع الضحك، أبتسِم بمرارةٍ لا تترجمُ إلا لمعنىً واحد، وهو: يا ليت! يا ليتك هنا.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *