مقالات

حياة الروح

شيماء عبد المجيد

يحتاج الإنسان دائمًا لقوة أكبر منه ينتمي إليها، تعطيه الشعور بالأمان والاطمئنان، وأن لديه ركن شديد يركن إليه وقت ضعفه؛ فيترك نفسه بكل ثقة لمن يؤول إليه أمره.

في الطفولة يتشبث الطفل بأبويه طلبًا للحماية، والرعاية، بحثًا عن الأمان؛ فيشد على يديهم خوف انفلات يديه الصغيرتين، احتضانهم له هو أمانه من العالم الخارجي.

يخرج شابًا للحياة وقد أفلت هو يد أبويه وتملك إرادته؛ ولكن يظل بداخله وبداخل كل منا احتياج دفين لتلك القوة التي تحمينا ونؤول إليها في نهاية المطاف.

نسير في دروب الحياة نتخبط أحيانًا ونسقط، ندور في فلك أنفسنا فقط ومتطلباتها، ولم يبرح ذلك الشعور أعماقنا
ولكننا نتغافل عنه ظانين القوة بأنفسنا؛ ولكن هيهات أن تستمر تلك القوة في خط مستقيم دائمًا، في ضعفنا فقط نذكر ذلك الاحتياج.

نبحث عن هذه القوة في كل شيء حولنا، وهي أقرب لنا مما نظن، تحتاج فقط أن نخرج من إطار أنفسنا وننظر حولنا، نلقي نظرة على الكون الفسيح بمقاديره، مخلوقاته، وطبيعته الخلابة.

يحتاج الإنسان أن يتأمل الكون ليصل لحقيقة الأشياء يتأمل الكون أرضًا وسماءً، بشرًا وحجرًا؛ سيجد أننا جميعًا نأوي إلى ركن شديد، قوة عالية، تدير هذا الكون الفسيح بكل مقدراته بإحكام، أتعجز هذه القوة أن تدير شؤونه؟

بخروج الإنسان من حوله وقوته، وممارسة التأمل في المخلوقات وتسليمه أمره لمدبر الأمر، يشعر بالقوة، يزيل عن كاهله عبئًا ثقيلًا يُسلِمه للقلق والتوتر والإجهاد، خوفًا من المجهول فيهدأ ويطمئن.

يتوكل ويستند إلى ذلك الركن الشديد، فيعمل ولكن دون قلق، يفكر في المستقبل لكنه ينتظر الخير متيقنًا به لأنه ترك أمره لصاحب الملكوت؛ فيحصد سلامًا نفسيًا ينجيه من شقاء النفس وعذاب الحياة.

في التأمل والتسليم حياة للروح، حياة تُشعرك بقوة روحية تسري بداخلك تلمس حضور الله دائمًا في قلبك، فيمنحك شعورًا بالطمأنينة والسلام وهو شعور لو تعلمون عظيم.

يراودك الشعور القديم؛ شعور الطفل الآمن الممسك بيد أبيه لا يبالي لشيء فيسير مطمئنًا واثق الخطى، تحدثه نفسه دائمًا، أنا عبدٌ لله فلن يضيعني.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!