جلستُ ونظرات وجهي تكشف عن الحزن الذي في قلبي لمدة لا تقل عن عشرة دقائق حتي إنتبهت لذلك الشخص الذي يجلس معي منذ مدة وينظر الي وجهي وهو متحير، ويبدوا أنه يخاف أن يسال ماذا بي.
إبتسمت له وقلت “ماذا بك؟! لماذا تنظر إليِ بهذا الشكل؟!”.
أيقن أنني قد إستوعبت أني سرحت في شيئاً ما لفترة طويلة فقال لي “لدي هذا الفضول الذي يجعلني أتسائل ماذا بك أنت؟! وجهك يحمل الكثير من علامات الإستفهام والكثير من الغموض”.
قلت له في ثقه “أنا لا أحمل أي نوع من الغموض ولكنك لم تسال من قبل”.
قال لي بحكمة سنه “وجهك يحمل الكثير من الملامح فيما بين الحيرة والخوف والتوتر والقلق والحزن والتسائل والتمني، كلها أشياء إذا إجتمعت في إنسان دمرته، خصوصاً لو كان السبب فتاة”.
إبتسمت له إبتسامة واسعة وأشرت له بإصبعي تأكيداً علي كلامه فرد علي بتلقائية شديدة “إذن فأنت ساذج”.
تعجبت من كلامه وقلت له “ساذج..لماذا؟!”.
قال لي بإحترافية “لأنه ليس هناك فتاة في تلك الحياة تستحق أن تنزل دمعة من عينيك عليها”.
قلت له بإستنكار “أنا لم أُدمع”.
قال لي بإبتسامة صفراء “تكاد تفعلها، وأكاد أُجزم أنك عندما تجلس وحيداً مع نفسك تبكي في كل لحظة تتذكرها معها”.
تأكيداً “حباً .. وتمني أن تعود تلك الأيام يوماً ما، وليس كرهاً فيها”.
قال لي وهو يشرب أخر نفس من سيجارته “خذها نصيحة من شخص قد بلغ من العمر عقداً دون زواج، الحب لن يعيد لك من ذهب، من ذهب قد ذهب، فكر في حياتك وتعرف علي أخري وستكتشف وحدك في النهاية أن كلهم واحد وليس هناك أي إختلاف فيما بينهم .. ستكتشف أن الشئ الذي يسمي الحب هذا ليس له وجود، وأنه مجرد رغبه شهوانية ليس أكثر”.
بإستياء من لا يرغب في كسر أمله قلت له “من أنت لتدعي أن هناك حب أم لا؟! ..هل جربته يوماً ما؟! ، أم أنك تحاول إنكار حقيقة أن الإنسان يحب مرة واحدة ؟! .. لماذا لم تتزوج حتي الأن بعد أن وصلت لسن السابعة والثلاثون؟! ..هل يمكن لرجل أن يعلق كل تلك المدة دون زواج؟! ..حتما ولابد ورائك حكاية ولا تريد أن ترويها .. وتخبئها في عقلك الباطن لترضي بها ما أنت عليه”.
نظر إليِ نظرة المصدوم وهو لا يعرف ماذا يقول .. فشعرت أني قد تحاملت عليه فقلت له “أنا أسف لم أقصد .. ولكن قلبي منهك، ولا أعلم كيف أداويه .. وكلام مثل كلامك هذا يزيد من أثر الجرح لا يغلقه”
كمن خاف أن يكمل كلام مع إنسان محطم مثلي قال “كل شئ علي ما يرام، لا تقلق” وساد الصمت والشرود بيننا مرة أخري.
