ابداعات

إني ذاهب إلى ربي سيهدين

✍️ مروة حجاب

ما الهجرة؟

ليست الهجرة في ترك الأهل والوطن، إنما هي أن تهجر شيئًا ما سعيًا نحو ما يملأ قلبك، فتهجر ضنك العيش نحو الدّعة، وتهجر ألمًا نحو راحة، وتهجر عذابًا نحو سكينة، تهجر الدنيا نحو الآخرة، وتهجر الخلق نحو الخالق.

يومًا ما هاجر من هاجر على خطى الحبيب الذي قال: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه”

ولقد سبقه إبراهيم بالهجرة حين قال “إني مهاجر إلى ربي”

يتردد في أذني صوت: وأنت إلى أين هجرتك؟

فيرجف قلبي حين ألتفت لأنظر خلفي وأتأمل آثار أقدامي على طريق هجرتي -فما الحياة إلا رحلة، والرحلة هجرة- فلا أعلم فيمَ كانت هجرتي.

قضيت هجرتي وأنا أرى وجهتي تارة فأركض نحوها وأزعم أني تيقنت وعرفت، ثم لا ألبث أن ألتفت يمينًا ويسارًا لأجد نفسي أعود أدراجي من حيث هاجرت، تارةً أخرى.

فأتذكر وجهتي وأستعيد همتي لأهاجر ثم أعود، وهكذا دواليك!أقف حائرة ربما أنتظر إشارةً أو وحيًا يهديني من أمري رشدًا، فقد تقطعت بي السبل وما عدت أوقن من أين أتيت وكيف السبيل إلى وجهتي!

فيا من ترى تقلب وجهي في السماء، ولّني قبلة أرضاها كما ولّيت حبيبك قبلةً يرضاها، فقد جئتك ببضاعة مزجاةٍ فأوف لي الكيل وتصدق عليّ فإنما الصدقات للفقراء والمساكين، وأنا فقيرة أطمع في غناك أن تيسّر عليّ هجرتي.

فاللهم ثبت خطاي، وهب لي قبس من نورك أرى به وجهتي، فلا أضل عنها ما حييت.واربت على قلبي الخائف بحنانٍ من لدنك، حتى يكتسي بأمانٍ لا خوف بعده أبدًا.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!