
بين شوارع القاهرة وضواحيها تنشأ رحلة كفاح الـ ٢٠٠ جنية التي سرقها إبن “عزيزة السيد” منها، وتبدأ معها سلسلة من الحكايات الدرامية في لفتة إنسانية رائعة بنظرة المخرج “محمد أمين”
ولكن دعنا نتفق أن الفيلم بما يحمله من رسالة، وفنانين ذوي قيمة وقامة في الوسط الفني، ليس فيلم شباك.
وبالرغم من أن الفكرة رائعة في مضمونها إلا أن أداء الممثلين في الفيلم كان أروع، وقد أضاف للفيلم إختلافًا كبيرًا، لولاه كان سيتم وضع الفيلم في مقارنة مع فيلم “ساعة ونصف”.
٢٠٠ جنية تتحرك بين غني وفقير، لتصنع موجات هادئة على أرض رملية فتصدر هديرًا مريح للأعصاب بالرغم من سوء الأحوال الاجتماعية التي يمر بها أغلب الفنانين في العمل الفني.
وتجد أن كل حركة تتحركها تلك الـ ٢٠٠ جنية في يد شخص ما، تحمل معها رسالة جديدة.
فوجودها في يد “أحمد السقا” جعلها سببًا في توصيل رسالة “العطاء”، وأن الخير لا يجلب إلا الخير، حتى في الزمن الذي نعيشه بكل ما فيه من عبر.
ووجودها في يد “خالد الصاوي” جعلها سببًا في توصيل رسالة مفادها “أن ليس كل ثري يعيش في رخاء، وأن كل إنسان يحمل من الهم ما يكفيه” في سيناريو مبدع لمناجاه النفس البشرية لنفسها.
فيلم ٢٠٠ جنية ملحمة درامية مختلفة الشكل تظهر الأحوال الإجتماعية للنفس البشرية وطباع كل شخص فيهم دون التأثير على نفسية المشاهد بالسلب.
فبالرغم من الآلام التي حملها “أحمد رزق” أثناء إنتقال الـ ٢٠٠ في رحلته، فهو ما زال يحتفظ بقوته في صناعة الكوميديا في أحلك الظروف بؤسًا.
وبالرغم من عدم قدرة “هاني رمزي” على دفع ثمن “بلوزة” ابنته التي تريدها من محل في المهندسين إلا أنه إستطاع التخلص من الموقف بشكل عقلاني دون التأثير على نفسية ابنته، معطيًا جميع الأباء درسًا هامًا جدًا عن الأبوة.
ويجب الإشارة إلى أن هناك بعض الأدوار لم تكن لتؤدي غرضها إلا بأداء ممثلينها كالدور التي قامت به أصل الحكاية الفنانة “إسعاد يونس” أو “عزيزة السيد”.
والقامة الفنية “ليلى علوي” التي فقدت زوجها، وكانت لحظات فقدانها له الأشد فتكًا، بأدائها الذي ما زال يحمل رونقه وبريقه القديم، وكأن خبرات الفن جميعها قد اجتمعت في تلك الموهبة العريقة، لتنتج لنا مشهدًا مؤثرًا من الدرجة الأولى.
فيلم “٢٠٠ جنية” رحلة كفاح لورقة نقد تحمل في طياتها مئتي درسًا عن المشاعر الإنسانية والمواقف الإجتماعية.