مقالات

ألَّا تحزني

كتبت: سهيلة أبو الليل

ربما تبادر إلى ذهنك ذات يوم والرجال بالأخص هذا السؤال لمَ حث الله ورسوله على الرفق بالمرأة والاهتمام بعدم حزنها مهما نشبت الأحداث من حولها؟!

فلنتناول الموضوع من الناحية العلمية أولًا:
يختلف قلب المرأة عن قلب الرجل بالوزن فيقل بمقدار 60-65 جرام، وهو ما يؤدي إلى زيادة ضربات القلب عند المرأة لملائمة ضخ نفس كمية الدم بالجنسين (4.5-5 لتر) بالدقيقة، وبالتالي عند تعرض المرأة لحزن شديد أو ضغوط ضخمة يؤدي ذلك إلى زيادة خفقان القلب لديها أي زيادة ضغط الدم وزيادة سرعة ضربات القلب بينما يقابله بالرجل فقط ارتفاع بضغط الدم.

هل سمعت من قبل عن متلازمة القلب المكسور Broken heart syndrom:
كثيراً ما يقع على أذاننا هذه الجملة “كَسرت قلبي” you broke my heart الذي ظن الجميع في البداية أنه تعبير مجازي عن كم الحزن والألم الذي يعانيه هذا الشخص، بينما أثبتت الدراسات العلمية فيما بعد أن هذه حقيقة علمية تسمي بمتلازمة القلب المكسور.

وهي حالة مرضية يُصاب بها الشخص عند تعرضه للحزن الشديد أو الضغوط الضخمة والأحداث المفجعة، مما يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون الأدرينالين بالدم الذي يؤثر سلبًا علي الشرايين فيؤدي إلى تضييقها وبالتالي ينخفض معدل الدم المتجه للقلب، مما يؤدي إلى تغير شكل البطين الأيسر بالقلب ليُصبح علي هيئة قارورة، الجزء العلوي منه منقبض والسفلي منبسط، فتزداد ضربات القلب تبعاً لذلك، مما يؤدي إلى الشعور بألم شديد بالصدر وضيق بالتنفس، وهذه الأعراض تتشابه مع أعراض الأزمة القلبية بينما الفارق بينهما أن في حالة الأزمة القلبية يتضمن التشخيص وجود جلطة بالشريان التاجي بالقلب وهو ما يمنع وصول الدم بالمعدل الطبيعي بينما في متلازمة القلب المكسور تضيق الشرايين نتيجة ارتفاع هرمون الأدرينالين بالجسم نتيجة الصدمة والحزن الشديد كما ذكرت سابقًا.

الجدير بالذكر وهو ما يهمني مما سبق أن الدراسات العلمية أثبتت ارتفاع معدل إصابة النساء بمتلازمة القلب المكسور عن الرجال والتي من شأنها أن تؤدي إلى الوفاة إن لم يتم التعامل معها على الفور وبشكل صحيح.

وهذا الاختلاف العلمي وتلك المتلازمة توضح ما يمكن أن يفعله الحزن بقلب المرأة ولمَ حثنا الله سبحانه وتعالى على الاهتمام بها وبقلبها.

أما بعد:
عزيزي الرجل خُلقت المرأة من ضلعك كي تسكن إليها ولذا ميزها الله بالعاطفة القوية كي تحتويك وتغمرك بعطفها الذي من شأنه تخفيف وطأة الوحشة علي قلبك التي قد تنتابك بغيابها.

لذا اعتني الله سبحانه وتعالى بعدم حزن المرأة من فوق سبع سماوات وذكره بمواضع متعددة بالقرآن الكريم بقوله:
في سورة القصص:

  • فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13)
  • في سورة الأحزاب:
  • تُرْجِيْ مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذٰلِك أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
  • في سورة مريم:
  • فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِط عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًا (25)
  • في سورة القصص:
  • وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)
    (صدق الله العظيم) كما أوصانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمرأة فاختصها في خطبة الوداع قائلاً: «أيها الناس، اتَّقوا اللهَ في النساء، اتَّقوا اللهَ في النساء، أوصيكم بالنساءِ خيرًا». وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
    (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم) فالمرأة هي وصية الله ورسوله لك، أَبِي الله من فوق سبع سماوات حزنها، وحثها في أشد المواضع من الألم ألا تحزن (كأم موسى حين فقدت وليدها ومريم ابنة عمران وهي ترى أنها بكارثة قائلة يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا) لقد أوضحت الآيات والأحاديث أن حزن المرأة عميق وألمها شديد لا يتحمله قلبها فرفقًا بالقوارير، فإنها إذا حزنت انكسر قلبها فرفقًا بها.

وجاء وصف الرسول في قوله رفقًا بالقوارير تشبيه لقلب المرأة بالقارورة (الزجاج) الذي ما إن أصبته دون رفق انكسر، وكان هذا وصف حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه الذي ما ينطق عن الهوى.
لذا علينا باتباع وصية رسول الله ورفقًا بهن، لا تجرح قلوبهن الرقيقة وكن لهن عوناً وَسَنَدًا، يكن لك ملاذًا ومسكنًا وأمنًا.

أيتها الفتاة:
رفقًا بنفسك أيضًا ولا تجعلي قلبك مسكنًا للأحزان، فالله بعظمته أَبِي لك ذلك وأوصي عليك رسولنا الكريم، فإن لم يرفق أحد بك، فافعلي بنفسك.
وتذكر دائمًا عزيزي القارئ: ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!