مقالات

وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

شيماء عبد المجيد

إنها اللغز المحير ذلك الكامن المستتر داخلنا، بالرغم من كل التقدم الذي أحرزته العلوم الإنسانية في محاولة اكتشافها إلا إنها لازال يعتريها بعض الغموض؛ إنها النفس البشرية.

تستتر النفس البشرية لاتريد الإفصاح عن نفسها وينبئ عنها بعضًا من السلوك الذي قد يظهر رغمًا عنا أحيانًا؛ فهي تختبئ خلف دفاعاتها ومظاهر خداعها فما تبدي كثيرًا يكون عكس ما تخفي، وخلف ما يقال دائمًا ما لا يقال وقد يكون هو الأصدق والأوقع.

جبلت النفس البشرية على فعل الخير ومعرفة ما يصلح لها ويليق بها، فهي تنزع إلى تقدير ذاتها وحبها وكذلك استحسان التقدير من الغير ومحبتهم والاعتراف به أنه إنسان مُقدر.

هذه هي فطرتها التي فطرها الله عليها، وأي شائبة أو تشويه يشوب هذه الفطرة يقابله دفاعات وسلوكيات قد تفاجئ صاحبها، وتظهر السلوكيات المرضية، والأمراض النفسية؛ وكأن النفس تعاقب نفسها على مخالفتها للطبيعة التي خلقها الله عليها.

كثير من الأمراض النفسية أو السلوكيات الغريبة بالبحث خلفها نجد تشويهًا لهذه الفطرة؛ فهي إما ذنب لا تستطيع النفس غفرانه، أو تقدير وحب لم تحصل عليه، والنفس لا تتحمل نفسها وقد اعتلتها الآثام، أو غير مقدرة وغير ذات شأن لدى الآخرين أو لدى نفسها، فتكون الثورة منها على هذا الوضع.

وكأنها تصطرخ تريد الإنقاذ، تريد من يأخذ بيدها ليعيدها لطبيعتها بعيدًا عن تشويه ذاتها، فلا تحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر، فنحن خلق الله المكرم الذي أسجد له ملائكته، وفطره على الخير ونفخ فيه من روحه وقال فيه ” لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!