مقالات

القلوب الرحيمة

بقلم /داليا محمد

القلب ليس عضلة نابضة وظيفتها ضخ الدماء فى سائر الجسد، بل هو مركز الإحساس والشعور، هى عضلة يكمن بداخلها الرفق، الرقة، اللين.

طالبة جامعية مغتربة تقطن فى سكن للطالبات يقبع تحت السكن الذى تقطنه رجل ليس بمشرد، أو لا أحب أن أسميه بذلك اللفظ القبيح، هذا الرجل خذلته قدميه نهشها المرض والفقر؛ أعجزته على كرسى متحرك بجانب منامته المهترئة التى تلحفتها الأرض وصار جزاءً لا ينفصل كليهما عن الاخر، فى صباح أحد أيامها الروتنية كان هذا الرجل يتوسل للمارة أن يقرب له كرسيه المتحرك، لكن لا أحد يعيره الأهتمام، الجميع يشعر بالاشمئزاز منه، حتى من كانوا يقدمون له المساعدة أيضًا اشمأزوا منه تركوه يصرخ ويتوسل للناس لم تقف هكذا بلا حراك، نزلت من مسكنها وقربت له الكرسىِ، ولكن بسذاجتها ظنت أنه سيسحب نفسه ويجلس على كرسيه بنفسه، ولكن طلب منها الرجل أن تذهب لمن كانوا يُساعدوه.

الفتاة: لوسمحت عمو عيزاك ترفعه على الكرسى !
رد عليها صاحب المحل بكل سذاجة ولامبالاه وهو يهز رأسه قائلا: حاضر جى.
رجعت الفتاة إلى الرجل وهى لاتدرى ماذا تصنع معه، ولكن فجاءها أحد الشباب من المارة وقام بمساعدتها.
الشاب: عايز إيه ياعم ؟
الرجل: ارفعنى على الكرسى .
الشاب يحاول بكل قوته رفع الرجل من على الأرض للكرسى هنا تتقدم الفتاة لتثبيت الكرسى له.
الشاب: معلش لفى الكرسى يمين شوية.
الفتاة: حاضر.
الشاب مداعبًا للرجل: أنت تقيل قوى يابوى.
الرجل بكل إمتنان:- متشكر.

ذهب كلًا منهم فى سبيله، وعادة الفتاة إلى مسكنها، تفكر بما يجول فى خاطرها:
أين ذهبت الرحمة فى قلوب البشر؟
نحن جميعنا بألواننا وأشكالنا وطبقاتنا الإجتماعية والثقافية و أختلاف ديانتنا من خليقه الله عز وجل، جميعنا سواسية أمام الخالق، جميعنا ضعفاء، مزلولين للرحمن.

عضلاتك و بنيتك التى تتفاخر بها، تتقاوه بها على الخلق، لم تخلق للتباهى والتسلط؛ بل لمناصرة الضعيف على القوى، قدمك التى تحملك، تدور بها الشوارع، لم تخلق للسير بها إلى المعاصى، بل للسير بهما للحق، تضع نفسك فى مكانة من هم أعلى منك وتتمنى أن تكون مثلهم، ولكن لا تفكر لوهلة بأن يجور عليك الزمن وتُهلكك الحياة، فتصير مثل هؤلاء الضعفاء، الذين لا حول لهم ولا قوة، خُلقنا بالرفق والرقة للشفقة بحال المحتاج الضعيف، خُلقنا بالرحمة والطيبة ولين القلب لمساندة الساءل، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!