خواطر

خواطر ليلية

عبدالله الحداوي

أنفاس ثقيلة خطوات غير متزنة، شعر مبعثر ولحية كثيفه مهملة حقول سواد تحت المقلتين وشفاه متشققة، وجه كان وكأنما مرت عليه ألف حرب
هكذا كنت أخاطب نفسي ليلتها
كان سكون البيت أشبه بسكون المقابر وكل من في البيت نيام لم توقضهم نوبات السعال العنيفة
توجهت للمطبخ، شاي أم قهوة؟ لا يهم أي مشروب ساخن سيفي بالغرض
أخذت أغلي الشاي وبعض الأعشاب وأنا أعلم أنها لن تجدي نفعًا والبحة باتت بالروح
كم عدد الأشخاص الذين عرفتهم منذ أن خرجت إلى هذه الدنيا؟
الكثير، لم يزرني ليلتها إلا طيف أمي،
كانت إذا غاب الجميع تكون موجودة دائمًا
حدقت بالمرآة مطولًا، ما الذي حل بك يا هذا
نزلة برد؟ أم نزلة من الخذلان
اخذت كأس الشاي ووضعتها على مقربة مني وأمسكت بقلم وورقة لأدون ما شعرت به حينها
حاولت التقاط كأس الشاي التي بدت بعيدة جدا رغم دنوها إلا أنني لم أستطع
تأملت محتويات الفراغ لا أحد هنا سواي
قلت والروح تكاد تخرج بصوت مذبوح
يا الله كم أنا ضعيف.

يتجبر ابن أدم في الأرض ويعيث فيها فسادًا ويظن أن لن يقدر عليه أحد
القليل من الزكام والهموم والوحدة تجعله أضعف من أن يأخذ كأس الشاي التي بمقربته وبكيت
وبكيت.. وبكيت وكأنما لم يبك ِ بشر من قبل، كأن بكائي سيكون يومًا ماطرًا لأيامٍ قاحلة كبكاء آدم عند نزوله الأرض وحرمانه من الجنة ونعيمها، وصوت درويش يتردد في قاع قلبي
تنسى كأنك لم تكن تنسى كمصرع طائر.

الفرق أن عقابي هو الصداع هو التفكير هو احمرار الجفون وسوادها،
تقوست على نفسي حتى أصاب هعمودي الفقري التواء وتمزق وكسر الأضلع، حتى بات شعوري بدقات قلبي كالآلة يقوم بأداء عمله فقط ويرجو من عقلي عدم التفكير لاطاقة له لسرعة الأنفاس ولا لنوبات هلعي المستمرة أصبح عجوزًا مهشمًا يقبع مكانه ويراقب سير الأعضاء الأخرى
بين كل دقة وأخرى ألف لعنة لي ولتفكيري ولتشويش عينيّ المستمر لصداعي ولهالاتي الخالدة
ضربت بكفي الأيمن على صدري ثلاث وقلت:
يا ربي رب التجاوز والتخطي، رب الطمأنينة والسكينة،
ياربي وقلبي.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!