بروفايل

الشاعر اليوناني الكبير قسطنطين كفافيس

كتب: أبو العز صبري

الشاعر كفافيس هو شاعر اليونان الكبير وأحد أشهر شعراء العصر الحديث ، ولا يعتبر “قسطنطين كفافيس” أعظم شاعر يوناني معاصر فحسب، لكنه أيضًا أعظم شاعر يوناني عرفته مصر. المولد والنشأة ولد الشاعر” كوستيس بتروس فوتياديس كفافيس” الذي اشتهر باسم كفافيس بأحد منازل شارع شريف بالإسكندرية في التاسع والعشرين من شهر إبريل عام 1863. وكان والده “بتروس”المنحدر من عائلة “فوتياديس” قد هاجرمن إستانبول إلى الإسكندرية. ويرجّح بعض الباحثين أن أسرة الشاعر كفافيس منحدرة من أصل أرميني، غير أن كفافيس نفسه لم يشر إلى هذا من قريب أو من بعيد كما أنه يفتخر دومًا بأنه يوناني من بيزنطة . وكان والد كفافيس تاجرًا كبيرًا بالغ الثراء، أنجب من الأبناء تسعة أصغرهم كفافيس الشاعر، وكان لكفافيس أخوان يمارسان الرسم كهواية، وآخر إخوته كان يهوى الموسيقى وهو ما قد يوضح أسباب ميول كفافيس الفنية. وكان كفافي في السابعة من عمره عندما مات أبوه في العاشر من أغسطس عام 1870 عن خمسة وخمسين عامًا ودفن بمدافن الأسرة في الشاطبي.. لم تكن صلة الابن بأبيه كبيرة، ولم يكن الأب يكترث بصغيره كثيرًا، فقد ولد له بعد ثمانية من الأولاد شبع من تدليلهم، وكان الأب في سنواته الأخيرة قد تدهورت أحواله المالية فمات ، ولم يترك لأسرته ثروة تذكر. وكان والد كفافيس -كما يقال- أول من أدخل صناعة حلج القطن في مصر، وكان له مصنعان في “كفر الزيات” ومتاجر في “منيا البصل”، ومكتب حاصلات زراعية في “زيزينيا” بالإسكندرية ومكتب آخر في “الموسكي” بالقاهرة. وكان صديقًا للخديوي “إسماعيل” الذي أهداه “الوسام المجيدي” في افتتاح قناة السويس عام 1869م، كما كان الخديوي “سعيد” أيضا صديقًا لهذه العائلة اليونانية. وكانت أمه في السادسة والثلاثين حين مات زوجها عام 1870 ولم تنجب الأم غير ابنة واحدة هي أخته “هيلليني” التي لم تعش طويلاً، وجاء هو في أعقابها، ومن ثم كان بالنسبة لأمه آخر العنقود وكما يقولون لم ينعم طفل بحنان أمه قدر ما نعم “كفافيس” الذي شب خجولاً منطويًا لا يعتمد على نفسه في شيء، تسارع أمه إلى تلبية طلباته، وتحشد الخدم لخدمته، وقد تعلم القراءة والكتابة في المنزل، وكانت له مربية ومدرس خاصان يقيمان في بيتهم بشارع “شريف” وقد التحق الفني الخجول “كفافيس ذو الستة عشر ربيعًا بالمدرسة التجارية بالإسكندرية، ولم يحصل شاعرنا على شهادة جامعية، ولم ينتظم في تعليمه لكنه استكمله بنفسه فيما بعد من خلال قراءاته الخاصة، وكان “كفافيس” يجيد إلى جانب لغته اليونانية، الإنجليزية، والفرنسية والإيطالية، واهتم في دراساته بالتاريخ اليوناني والكلاسيكات والأدب الأوروبي بوجه عام. السفر بعيدا عن الإسكندرية والعودة عندما بلغ كفافي 9 سنوات سافر الى انجلترا وعاش بها 7 سنوات وبالتالي حصل على الجنسية البريطانية ، وعاد بعد ذلك الى الإسكندرية وعاش بها ثلاث سنوات ثم رحل الى اسطنبول بسبب الاحتلال الانجليزي لمصر عام 1882م ، وسافر مع أمه وأسرته إلى الأستانة بعد الاعتداء على الإسكندرية، وأقاموا عند جده، ثم عاد عام 1885. وزار كفافيس فرنسا ، لكنه لم يزر أثنيا إلا لفترة زمنية قصيرة بين عامي 1900 و1901، وكان ذلك للمرة الأولى في حياته، أي عندما كان في حوالي السابعة والثلاثين من عمره. وكانت آخر أسفاره عام 1932، عندما مرض بسرطان في الحنجرة، وسافر إلى اليونان للعلاج ثم أصر على العودة إلى الإسكندرية، ولكنه كان قد فقد القدرة على الكلام. استطاع كفافيس الحصول على وظيفة متواضعة في وزارة الري ( مكان فندق متروبول حاليا ) بمكتبها بالإسكندرية في عام 1889، وتدرَّج في سلم الوظيفة، فأصبح في إبريل 1892 كاتبًا بمرتب قدره سبعة جنيهات ثم بلغ مرتبه أربعة وعشرين جنيهًا في يناير عام 1913.وظل في هذه الوظيفة نحو 30 عاما ، وكان يعمل أيضا سمسارا في بورصة القطن بدأ “كفافيس” نظم الشعر منذ فترة مبكرة ربما بعد عودته من الأستانة عام 1885 وعلى وجه التحديد عام 1886، ونشرت أول قصيدة له عام 1891 في مجلة عنوانها (المساء ESPEROS) ومنذ ذلك التاريخ وحتى نهاية حياته لم يتوقف “كفافيس” عن تأليف الشعر وكتابة المقالات والملحوظات النقدية والدراسات المتنوعة في المجلات والدوريات التي كانت تصدر في “الإسكندرية” و”إستانبول” و”أثينا” وغيرها من العواصم الأوروبية.وكان يكتب الشعر كهواية لا يبغي من وراءه شهرة أو مال ، وكتب حوالي 152 قصيدة أعماله الشعرية وإلى جانب ما نشره “كفافيس” في المجلات والدوريات وما أصدره بنفسه في كتيب عام 1904 يحتوي على 14 قصيدة أعاد نشرها من جديد عام 1910 مع سبع قصائد أخرى، كان شاعرنا ينشر عادة قصائده متفرقة بعد أن يتم نسخها على وريقات توزع باليد على مريديه ومحبيه. ومن أجل هذا السبب بالتحديد يصعب أن نجد قصائده محفوظة بذات العنوان أو الصورة من التأليف إذا كان يقوم بتعديلها أو تقييمها كل فترة، أو يقوم بطبعها ثم نشرها مرة أخرى. وكانت أول طبعة كاملة من قصائده هي الطبعة التي أصدرتها مجلة (الفن السكندري Alexandrine Techne ) عام 1935، وهي مجلة بدأت في الانتشار بفضل توجيهاته منذ عام 1926، وهو العام الذي حصل فيه، كفافيس على وسام “النخلة الذهبية” من حكومة “البنغال”. ويتألف ديوان كفافيس – إذا استثنينا الأشعار التي ألفها في مطلع شبابه- من حوالي 154 قصيدة، بالإضافة إلى عدد ما يقرب من عشرين قصيدة أخرى لم تكن منسوبة إليه، وأعيد نشرها بعد وفاته على يد عدد من النقاد والباحثين. وفي عام 1922 وتحديدًا في شهر إبريل استقال من عمله وخلد إلى العزلة ، وعاش كفافيس آخر 25 عاما من حياته في منزله الحالي ( بشارع شرم الشيخ – ليسيوس سابقا ) كتب عن عبقرية “كفافيس” الناقد الإنجليزي (فورستر ) عام 1919: “إن “كفافيس” بالغ القوة وبالغ العظمة، وهو واحد من البارزين في الحركة الفكرية والثقافية ولقبه بروح الإسكندرية النابضة ، كما ذكره لورانس داريل في رباعيته عن الإسكندرية وأسماه ( شيخ الإسكندرية ) وبعد أن أمضى كفافيس حوالي ثلاثي عامًا في الإسكندرية سافر إلى أثينا لأنه أصيب بمرض السرطان في الحنجرة وخضع للعلاج فترة ثم رجع إلى الإسكندرية، لكن حالته ازدادت سوءًا فدخل مستشفى الجالية اليونانية بالإسكندرية ( المستشفى اليوناني القديم ” كوتيسكا ” ، والتي تقع أمام منزله وظل بها لمدة شهرين الى أن وافته المنية . وفي التاسع والعشرين من إبريل ذات يوم ميلاده من عام 1933 توفي كفافيس عن عمر يناهز سبعة وسبعين عامًا. ودفن في مقابر الجالية اليونانية بالشاطبي

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!