ابداعات

الشدائد قرائن اللطائف

شيماء عبد المجيد

تأتي الشدائد دومًا مقترنة بلطف الله الخفي الذي يحتاج لقلبًا يدركه، فيرسل الله نسائم رحمته تحيط بصاحب البلاء وتربط على قلبه، ويعطي الله البلاء لكل إنسان على قدر احتماله فهو لا يكلف نفسًا إلا ما تطيق.

والإنسان في كل أحوال بلائه على اختلافها يؤجر، فيرفع أجره أو تزيل عنه ذنوبًا أو تحميه من بلاء أكثر صعوبة، فالله لا يبتلي عباده إلا لخير ولا يمنع عنهم شيئًا إلا لخير.
يقول القطب الصوفي ابن عطاء الله السكندري ” لو علمت سر المنع لصار المنع عين العطاء” وما المحن إلا منح مغلفة تحتاج فقط من يبصرها.

فقد ذُكِر في أحسن القصص أن نبي الله يوسف أُلقي به في البئر؛ لكن لطف الله أرسل من يدلي دلوه طلبًا للماء فيعثروا عليه ويخرج سالمًا، يباع بثمن بخس ويبتعد عن حضن أبيه ورعايته؛ فيقول من اشتراه لامرأته أكرمي مثواه، يسجن ظلمًا مؤثرًا الابتعاد عن الفتنة؛ فيقول له صاحبي السجن إنا نراك من المحسنين ويخرج منه عزيزًا لمصر.

ليرد في نهايات سورة يوسف على لسان سيدنا يوسف “إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ” لتوضح إدراك سيدنا يوسف لألطاف الله التي أحاطته من بداية قصته وأن الله لطفه يحيط بقضاؤه.

فأحيانًا وعكة صحية تكون بداية جديدة لحياة صاحبها لأنها أضاءت شيئًا ما بداخله، أزمة مالية تفتح أبوابًا لم تخطر يومًا على بال.

حالة فقد تجعل قلب صاحبها يتوجه بكليته إلى الله فيصبح هو وحده مبتغاه ومقصده وأنسه في وحدته فمع العسر يأتي اليسر والشدائد قرائن اللطائف.

” وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ
يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ
وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ
فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ”

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!