خواطر

وجع الفراق

بقلم/ نانسي هندي

ألا يمكنني ولوهلة أن أغمض عيني قليلًا، وأصرخ بأعلى صوتي وأقول للحزن كفى، ألا يمكنني ولوهلة أن أكسر هذا الوجع وأودعه، هذا الحزن الذي مكث في جسدي عدد سنين، أشعر بمقتي تجاه هذا العالم الكئيب، هذا العالم الذي جرد مني أحلامي واحاسيسي، فبت شخص لا أعرفه.

كم أتمنى أن أعود بالزمن إلى الخلف، أعود إلى تلك الأيام التي جزعت فيها نفسي حتى أرمم ما بقى مني، فقلبي في بغتة من الزمن منذ أن افترقنا، لقد تذكرت تلك الليالي التي ارتاحت فيها رأسك بين أحضاني، وكانت دموعي تنذرف بشدة، أتذكر تلك الكلمات التي قولتها لي وأنت تودعني وأنت على فراش المرض، وأخبرتني حينها بأن تلك اللحظة هي اللحظة الأخيرة، فمنذ تلك اللحظة توقف الزمن بالنسبة لي، فلم أعلم كم مر من الأعوام منذ أن رحلت عني، لم يعد يهمني كم مر وكم بقي؟ فالحياة بدونك تعيسة وصعبة.

حاولت كثيرًا أن أتخطى حزني هذا، ولكني كالعادة فشلت، ولكني دائمًا أحاول تخطي نوبات الحزن التي قد تصل بي إلى الحضيض، فبرغم محاولاتي الفاشلة على تخطى هذا الحزن ولكنني مازلت أحاول، وعدتك والوعد دين أنني سأتخطى الحزن بعدك، أحيانًا قد تغلبني دموعي، ولكني أردد بيقين دائمًا إني مغلوب وذات يوم سأنتصر، ذات يوم سأتخطى هذا الحزن الذي حط على قلبي منذ وفاتك، ذات يوم سأعود سعيدة كما كنت.

وها أنا على غير عادتي أتجه إلى المرآة، تلك المرآة التي نسيت وجودها في غرفتي منذ زمن بعيد، فلم أعد أهتم بمظهري منذ أن رحلت، حدقت بملامحي جيدًا فوجدت أمامي جسد هزيل، ووجه كساه الشحوب والألم وبشرة بها خطوط وعلامات من الزمن، لم أعرف نفسي حينها، ولكني تذكرت كلام أحدهم لي وهي تضحك قائلة “أصبحتي متشحة السواد”، شعرت حينها بأنها تشمت في أحزاني، ولكني أيقنت الآن أن كلامها صحيح.

لقد أدركت الآن أن الحزن يسرق أحلى ما فينا، لقد سرق مني الحزن زهرة شبابي، فبت كعجوز وهنة، حتى إذا نظر أحدهم لي ظن أنني بعمر السبعين، ولكنني في الحقيقة مازلت في الثلاثينات من عمري.

أشعر بمقتي الشديد للحياة، فلقد رفضتني كل الأشياء التي أردتها يومًا ما.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!