ابداعات

القول في تلاقي الأرواح

كتبت: داليا عماد

إذا طلبت منك أنْ تَذْكُر معي حينما لامس فؤادك شعور بيوم من الأيام عند مقابلة شخص ما فاستشعرت ذبذبات لا تعلم مصدرها ولكن توقن تولدها نتيجة لتواجد تلك الروح حولك، فتشعر بإحاطتها لك وانجذاب روحك لها، وكأنما هناك تخاطر روحي بينكما جعل انتقال تلك المشاعر بشكل خارج عن إرادة كليكُما هذا تحديدًا يمكننا أنْ نُطلِق عليه تلاقي الأرواح.

تلاقي الأرواح أو بمسمى آخر تخاطر الأرواح هو قدرة شخصين على التواصل ونقل المعلومات والمشاعر بينهما، يفسر ذلك احتياج العقل للنشاط الكهربائي حتى يقوم الدماغ بعمله وهذا النشاط الكهربي يولد نوع من أنواع المجالات المغناطيسية التي تُكوِّن هالة حول الشخص وحين يعمل الدماغ على إرسال واستقبال تلك الإشارات من وإلى أعضاء الجسم فيمكنها الانتقال من شخص إلى آخر وهذا رأي علماء المادة.

أما إذا نظرنا للأمر من منظوره الإسلامي فإنَّ أرواح الأحياء تتلاقى مع بعضها البعض كما أرواح الأموات وتتلاقى أرواح الأحياء أيضًا مع أرواح الأموات، يمكن الاستدلال عن ذلك بقول الله تعالى:” اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون”، إذا نظرنا لتفسر تِلك الآية نجد ابن عباس رضي الله عنهما يقول في ذلك: بلغني أنَّ أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون فيُمسِك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف”.

ومما لا يدركه الكثيرون أنه قد يحدث تلاقي غير عادي بين الأرواح البشرية‏، وذلك التلاقي عادة ما يكون مرتبطًا بحالة الانسجام الفكري‏ والارتباط الإنساني بين شخصين‏، لدرجة أنهما يستشعران وكأنه يوجد بين روحيهما همزة وصل‏,‏ فهنا تحدث الكثير من المصادفات الحياتية بينهما‏.

وإن كانت تلك الحالات نادرة إلا أنها حقيقية فهي مرتبطة باللاشعور لدى الإنسان، وهذا  التوافق بين إنسان وآخر لا يكون بسبب توافق عمري ولا لوني أو بطول العشرة، ولا بالرفقة المستمرة، ولكنها سر من أسرار التوافق الروحي ونعمة قدرية تصيب قسم من الأشخاص ولا يدركون لها تفسيرًا منطقيًا أو عقلانيًا واضحًا؛ فالأرواح  تتجاذب وتتنافر لأنها الأصدق إحساسًا والأكثر عمقًا.

من مظاهر ذلك التلاقي ظاهرة الشعور بالاخر عن بُعد ويحدث ذلك في الاستيقاظ فيعتمد على مدى نقاء الإنسان وشفافيته ومدى تعلقه بالمادة والدنيا، وقد تُفكِر في شخص وتجده أمامك، وأحيانًا يشعر الإنسان بما يحدث لمن أحبه رغم بُعد المسافات، فقد تتعلق روحان ببعضهما وتشتد علاقة أحدهما بالأخرى فيشعر كل منهما ببعض ما يحدث للآخر، وإن لم يشعر بما يحدث لغيره، وتتلاقى أرواح الأحياء فى نومها فقد يرى الشخص ما يحدث لمن أحبه ويتأكد ذلك فيما بعد فالأرواح المتحابة تتلاقى ولو بينها مسافات بعيدة  فتتألم وتتعارف فيشعر ما يحدث له كأنه بجواره.

بالنهاية أقول أن الروح لا يعلم ماهيتها بشر ولكن تجاذبها يولد تساؤلات تثير العقل وتحرك القلب للبحث عن إجابة.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!