مقالات

هدر الطعام

✍️ داليا عماد

بِكُل مجتمع تجد الكثير من الأفراد وقد غلبتهم ظروف معيشتهم ولا سبيل لهم فيها سوى الجري وراء قطارها آملين ولو اللحاق ببعضها، وعلى الجانب الآخر تجد الأكثر مُنعمين
في رفاهية العيش لا يعطو لذويهم من محدودي ومعدومي الدخل بالًا، ومن هذه الرفاهية مأكلهم ومشربهم فتجد نهاية كل يوم آلاف الأطنان من الأطعمة الصالحة تملأ صفائح القمامة.

هدر الطعام هو عبارة عن طعام يتم التخلص منه أو فقدانه دون أن يكون قد تم تناوله، ويتراوح إجمالي الطعام المُهدر ما بين تلت ونصف الأغذية المنتجة في العالم وهو ما يقدر بحوالي 1.3 مليار طن سنويًا، وبحسب دراسة الأمم المتحدة تتخلص الأسر من 11% من المواد الغذائية في مرحلة الاستهلاك، وتهدر المطاعم 5% من الاستهلاك مقابل 2% لمنافذ التجزئة، وأظهر المؤشر أنَّ متوسط نصيب الفرد عالميًا من بقايا الطعام يصل إلى 74 كيلوجرامًا سنويًا.

إذا نظرنا لأعلى الأرقام المطلقة لهدر الطعام نجد علاقة طردية بين عدد سكان البلد ومعدل هدر الطعام، فتجد الصين تهدر ما يقدر بنحو 91.6 مليون طن من الغذاء سنويًا بينما تهدر الهند 68.8 مليون طن، وعندما ننظر لِما يتعلق بالنفايات المنتجة للفرد تجد الأمور مختلفة إلى حد ما فعلى سبيل المثال: يتخلص متوسط الأسرة في الهند من 50 كجم من الطعام سنويًا بينما يرتفع هذا إلى 59 كجم في الولايات المتحدة.

وفي مصر تحديدًا على الرغم من تزايُد احتياجات الغذاء نتيجة زيادة أعداد السكان من ناحية والاستهلاك المفرط من ناحية أخرى، تزداد معدلات الفاقد والإهدار الغذائي، فالفاقد والهدر من الخضراوات والفاكهة في مصر يصل إلى 45-55% من الإنتاج السنوي، في حين يبلغ الفاقد والهدر من الأسماك 40% ومن الألبان 30%.

لإهدار الطعام أسباب كثيرة منها: شراء وتحضير الكثير من الطعام فيقوم البعض بالشراء أو التحضير المُفرط للطعام بشكل أكثر مما هو مطلوب فينتج عن ذلك طعام زائد ينتهي به الأمر إما في القمامة أو في الثلاجة حتى تنتهي صلاحيته ويلقى في القمامة بعد ذلك وهذا بالنسبة لكل أسرة على حد سواء، ومن جانب آخر يُفرَط في تحضير الطعام في المطاعم والفنادق على الرغم من أن النية جيدة من توقعهم لارتفاع حجم العملاء والقدرة على عدم نفاد القائمة، فإن الإفراط في التحضير غالبًا ما يؤدي إلى الهدر إذا كان كل الطعام غير مباع لاعتقادهم أنَّ إنتاج الطعام على دفعات كبيرة يقلل من التكاليف ولكن في الواقع ينتج عنه مزيد من الهدر مقارنةً بإعداد الطهي حسب الطلب أو الطهي على دفعات صغيرة.

من أهم العوامل المُسببة لإهدار الطعام هو عدم التخطيط المناسب للطعام من جانب المستهلك فلا يضع خطط مناسبة حول موعد وكيفية تحضير الطعام للاستهلاك فيكون الأمر لمعظم الناس خارج عن السيطرة فيؤدي ذلك لانتهاء صلاحية الطعام ولا يكون مصيره سوى التخلص منه كنفايات.

يوجد أيضًا أسباب حكومية لهدر الطعام وليس مقصورًا على الفرد منها: السياسات التنظيمية والممارسات السيئة في الزراعة وضعف مهارات الحصاد يؤدي لتلف المحاصيل كما يؤدي ضعف تقنيات التخزين إلى تدهور الجودة وانتشار الآفات والأمراض، وفي مرحلة النقل والتوزيع قد يحدث الكثير من هدر الطعام لسوء النظم المُتبعة.

يمكننا التخفيف من مشكلة هدر الطعام بعدة وسائل وكما كانت الأسباب حكومية وفردية فوسائل التخفيف أيضًا تنقسم إلى حكومية وفردية، الحكومية تتمثل في: وضع سياسات دولية لتفادي مشاكل الزراعة والحصاد واعتماد أساليب متطورة لنقل الغذاء وتوزيعه.

والفردية تتمثل في: التسوّق بذكاء وحكمة من خلال وضع قائمة تسوّق مفصلة بالمكونات المطلوبة وتجنب الإفراط في الشراء، مراقبة تاريخ انتهاء صلاحية الغذاء ووضع الأطعمة الجديدة في الخلف والقديمة في الأمام، تخزين الغذاء بطريقة آمنة وفي الأماكن الصحيحة، فالأكياس أو العلب التي تحتوي على الغذاء المخزّن، يجب أن تكون محكمة الغلق.

منها أيضًا عدم التخلّص من بقايا الأطعمة فيمكن استخدامها في عمل وجبات جديدة أو الالتزام بتخزينها بطريقة ملائمة من أجل إعادة استعمالها في وقت لاحق، عدم الإكثار من كمية الغذاء في الطبق، فعلى الشخص وضع الكمية التي يحتاجها دون زيادة فهذا يُساهم بضبط السعرات الحرارية المستهلكة ويحدّ من كمية الأطعمة التي يتم هدرها، تجنّب طهي أكثر من وجبة في الوقت نفسه والتركيز على خيار واحد لعدم التخلص من فائض الغذاء، التبرع بالغذاء لبنوك الأطعمة لمساعدة الأشخاص الأكثر حاجة وبالتالي تفادي الهدر.

بهذا يمكننا الحد من هدر الطعام حتى يتسنى لمحدودي الدخل ومعدومه من الحصول على مأكلهم ومشربهم فلا يكون هناك تفاوت كبير بين طبقات المجتمع.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *