خواطرمقالات

عن الأمان

بقلم: مروة حجاب

كثر الحديث عن الأمان, يتحدث فيه العامة ويتشدق بأهميته ذوو العلم ومدعي الثقافة. يخوضون نقاشات شتّى، تدور حول معنى ربما لم يخبره أحد أو لعلّه خبر شيئا فصاح بملء فمه “وجدتها وجدتها”، ولكن كيف تعلم أن ما ظن غيرك أنه وجده، هو نفس ما تبحث أنت عنه!

فما الأمان على أية حال؟
هل هو مجرد غياب الخوف؟
لا يبدو لي أن تعريف الشيء بغياب نقيضه حجة بالغة، بل لعلّه عجز عن إيجاد المعنى، لأنك لم تخبر إلا نقيضه، فتشعر دوما أنك ستحظى بما تريد إذا صرفت عنك بعض ألم الخوف!

هل هو أن تشعر بأنه لا يوجد ما يهدد أمنك؟
لا أظن ذلك! ليس فقط لأن هذه أيضًا حجة غياب، لكن لأن “ما يهدد أمنك” قد يكون من صنعك أنت! أنت أوجدته كتمثال العجوة ثم خضعت له! وقد يكون في قلبك فيتملكك الخوف من كل شيء وأي شيء!

هل الأمان فيما أو من حولك أم في قلبك وعقلك؟
هل الأمان سبب أم نتيجة أم أنه شعور مستقل عن أي سبب ونتيجة؟
هل نبدأ منه أم ننتهي إليه؟
هل يتوجب علينا السعي الحثيث للبحث عنه أم أنه فقط رزق يهبه الله لمن يشاء؟ وعليك بالشكر إن وهبك وبالصبر إن منعك؟
وإن كان يتوجب علينا السعي نحوه، فكيف السبيل إليه؟
هل نسعى بالخارج أم نسعى بداخلنا كما قال الغيطاني “وما كانت هجرتي إلا منّي وفيّ وإليّ”؟

وهل يمكن أن يمنحك أحدٌ الأمان إن لم تملكه؟ فكيف تطلبه؟ وإن طلبته أتجد من يفهمك؟
فماذا إن ملكته؟ أيستطيع أحدهم أن يسلبك إياه؟
هل الأمان هو شعور واحد أم خليط من المشاعر؟
ربما الأمان أكبر من تشرحه بضع كلمات خاوية، ربما كلما تعاظم الشعور عجزت عن وصفه الحروف!
ربما أبلغ ما تفعله عندما تريد أن تصف الأمان أن تصمت وتتوقف عن محاولة وصفه!

أبكي حين أقرأ “وآمنهم من خوف” وأرفع رأسي راجيةً وأنا أيضًا!
ولا أجد مرادفًا للأمان سوى أن أغفو وأعلم أني في معية الله وحِماه. لا أعلم إن كان الأمان والسلام مترادفين لغةً، لكنّي أسأل السلام باسمه “السلام” أن يصبَّ علينا السلام والأمان صبًّا.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!