مقالات

الخذلان الأنيق

بقلم: مريم رجب

الحياة ليست عادلة، تجتث منا الاستقرار وتغيرنا تمامًا، تغيرنا حتى لم نعد نتعرف علينا فنصبح أشخاص آخرون نحمل منا مجرد بواقي عالقة نكره وجودها فينا.
أكره الفوضى يكفيني ما بداخلي منها، ولكن عندما يحاصرني الهدوء، أشعر بالرغبة في الهروب منه فهو يجعلني أسيرة في يدي أفكاري، يذكرني بأن الجرح ما زال كائنًا، ويداي مازالت غائرة في أعماقه، لم يندمل حتى ولا أستطيع تحسس ندبته بأصابعي المرتعشة، لقد كان خطأي أني اتكأت وما كان لدي ما يؤهلني لذلك، أنا التي سُحب البساط من تحت قدميها ، لقد خُذلت في أكثر مواضع الطمأنينة..
كنت أسعى لإصلاح الماضي وترميم الأيام، وبينما أنا في طريقي للشفاء تعثرت قدماي فتقهقر السلام الذي كان يلوح لي من بعيد، واجتُث مني الاستقرار بينما كنت أظن أنني على موعد مع ذاتٍ جديدة سعيت اليها ونبشت الأيام بحثًا عنها.

لا أدري لماذا الحياة تقهرني عنوة؟ وكأن الذي بيني وبينها عداوة أبدية! لم أطلب منها شيئًا وتهبني إياه، وتضن علي وتغل يدها حتى عنقها، حتى القسوة ضنت علي بها، لم علي أن أظل بهذا القلب المضطرب أبدًا؟
أليس بيدها أن تمنحني أسوأ نسخة مني؟
ولكنها قادرة عليّ منحي نسخًا مشوهة من الآخرين وكأني الملجأ الأمن لسؤهم .

دائمًا ما أعتب عليّ بعد كل خذلان، ربما تغلبني سذاجتي الحمقى وسعي الدائم للبحث عن الشيء الذي أشعر إليه بالاحتياج.
تحدث الخيبات دائمًا رغمًا عني، وبينما أنا في ظني أنني أبتعد عن الألم أجده يبحث عني وأجدني أسير في الاتجاه المؤدي إليه، كم أود لو أعقد هدنة مع وسادتي كي تحملني وحدي، تعانقني وحدي، أن أترك همومي جانبًا علني أنسى أين تركتها وأمضي، ألا أبثكم سرًا؟ لم أبلغ من الطمأنينة قدرًا يجعلني أنم ليلة واحدة دون خوف، وألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه هلكتم؟ أن تمنح الثقة وقلبك يقل لك لا تفعل.

في كل مرة كان قلبي صادقًا معي ويبثني بمخاوفه وأنا التي أقحمه في العناء، وأُخذل بقدر ما جبنت، وفي كل مرة تكون استماتتي على الشيء -برغم يقيني بأن كتفه لا يصلح إلا لحمل الجنائز- هى أكثر ما يؤذيني، وينتهي بي الأمر أن أصارع الخذلان وحدي، ويحتل الظلام دموعي وأتمنى من الليل أن يضمد قلبي ولا يفعل، وأنتظر الشمس وأتعجل النهار لينتشلني ويتباطىء وكأنما يضل طريقه في أشد الليالي ظلمه.

احذر أن تغدو إلى كتف أحدهم قاصدًا سندًا، كن لنفسك كل شيء، وكن سندًا لنفسك واتكيء على بعضك وانهض، واعلم أن نهاية الأشياء ليست نهاية العالم.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!