
كتبت: هاجر متولي
أجمل مناداة هي أمي، هاجر متولي.
والله ما رأيت يومًا حبًا أعظمُ من أن يطمئنك قلب أحدهم، الدنيا برمتها تشهد خريف الناسِ، وهو ثابتٌ مؤكدٌ لكل احتمالات الخيرِ.
فإني لم أرَ يومًا حبًا أعظم من الاطمئنان، أن تطمأن أن يُربت على قلبك أحدهم بعد انقطاع أملك النابض، وبعد فقدك لكل شغفٍ وشعور… أن تطمأن أن حركة قلبك لا تزل بخير، لأن الدفء محيطٌ به وَمُرِيد.
وحدها ما تقدم ذلك، وتعطي بلا حد وبلا سؤال، تعطي ما تحتاجه بدون علمك أنت به، تُدرك ما لا يُقال، تُعطي بقدر الاحتياج، وبلين الرحماء، وبلطف الملائكة، تؤثرك لها دون تعمد، تجعلك تدرك أن الحياة خارج كفها بلا أمان، ووحدها ما تنتشل ما بك من أثام برفق تام.
البيوت لا تدفئ بفتحها على مصاريعها ليرى الناس الحب الذي بداخلها، البيوت تدفأ بقفل الأبواب جيدًا، ولا يضيرك أن يراك الناس محبًا بقدر ما يهمك أن يكون قلبك مطمئنًا، وأنك تفوز براحة بال… العودة إلى البيت رغم أَنها أَكثرُ الأفعال اعتياديةً، تبقى أجملُ ما يُمكن أن يفعله المرءُ على الإطلاق.
فالبيوت التي تخلو من الأمهات تفقد الروح والونس والاطمئنان، تفقد شعور الأمان، تفقد متع الحياة وجرعة الاطمئنان، فكثير منا يستطيع تقديم الحب، لكن لا أحد يعطيك الأمان سوى الأمهات.
فيهن سحر وجمال، فيهن طاقة نور لا تنطفئ، رغم كل ما بهن من خدوش داخلية مازلن يضحكن، تُواسي كل منهن وتسأل وتهتم، تصنع الكثير والكثير لأجل الجميع، وتظل مراعية لمشاعر الجميع حولك، وتبقى حذِرة طيلة الوقت بأن لا ينتبه أحدهم لحقيقة ما يجري بداخلك، هل وجدت شخصًا يعطي بهذا القدر بلا مقابل سواها؟!
أجمل مناداة هي : “يا أمي” ، كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب، وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة.
الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقدُ أمه يفقد صدرًا يسند إليه رأسه ويدًا تباركه وعينًا تحرسه.