ابداعاتقصص

مرفوض

✍عبدالله الحداوي

الرفض والقبول هما سنن الكون التي تبنى عليها أسس العلاقات بين البشر ولكن، لماذا يعد شعور الرفض بالنسبة إلينا سيء إلى الحد الذي يجعلنا نعتبره صورة من صورة الأذى ؟
هنا وضعت العاطفة جانبًا وبحثتُ عن الأسباب المنطقية التي تجعلنا نتألم عندما نُرفض
أو .. هذا ما نشعر به، وما حقيقة هذا الشعور ؟

في عام 2003
قام مجموعة من الباحثين بالقيام بتجربة علمية هي عبارة عن لعبة افتراضية يقوم بها اللاعب برمي الكرة لأشخاص افتراضيين لا يعرفهم، وفجأة تقوم مجموعة من اللاعبين بعزل أحد الأشخاص والتوقف عن رمي الكرة له
علمًا بأنها لعبة افتراضية مع أشخاص مجهولين، ثم القيام بأشعة وتحاليل للشخص الذي تم عزله من اللعب، والمفاجأة أنهم اكتشفوا أن هذا الشخص قد تم تنشيط الأجزاء المسؤولة عن الألم الجسدي في دماغه !
وتم استنتاج أن الألم النفسي الناتج عن الرفض يشابه الألم الجسدي، وهنا جاء السؤال الذي يخطر في أذهاننا
هل يمكننا التعامل مع الألم النفسي كتعاملنا مع الألم الجسدي وعلاجه بالمسكنات والأدوية ؟

وعلى هذا قام العلماء بإحضار أشخاص تعرضوا للرفض اجتماعيًا بشكل ما، وقاموا بقسمهم إلى مجموعتين، الأولى تم إعطاهم مسكن حقيقي والمجوعة الثانية مسكن مزيف لا يضر ولا ينفع، والنتائج كانت أن من تعاطوا المسكن كان شعورهم بالألم أخف حينما تم عرض صور للأشخاص الذين رفضوهم أمامهم، الأعجب والأغرب أن العلماء أعادوا التجربة ثانية ولكنهم أعطوا للمجموعة الأولى دواء مزيف وتم إقناعهم أنه مسكن ذو عيار ثقيل، وهنا كانت الصدمة حينما بدأو بالتعافي شيء فشيء وجهاز الرنين المغناطيسي الذي تم توصيل أدمغتهم به أظهر نشاط شبه معدوم للمناطق المسؤولة عن الألم في الدماغ
مما يعني هذا أنهم استطاعوا التعافي لمجرد أنهم تم اللعب على عقولهم وإقناعهم بأنهم تعاطوا مسكن سيزيل هذا الألم بشكل نهائي !

الخلاصة … الرفض هي سنة كونية تبنى على أساسها علاقاتنا وتقبلك لشيء ما ورفضك له مبني على تشكيل شخصيتك وعقلك وتربيتك والبيئة التي نشأت فيه،فلم يكن لك الخيرة في أمرك بهذا، وكذلك غيرك
أنت ترفض من مكان ما أو من علاقة أو مجموعة أو شخص بعينه، فهذا لا يعني كونك سيء؛ لأنه وفي واقع الحال الشخص الذي تم رفضك من قبله ليس كاملًا ولا يضرك رفضه ولا ينفعك

والتعافي من هذا كما استنتجنا من كلام العلماء، فالمتطوعون تعافوا عندما كانوا مقتنعين بفعالية الدواء المزيف وليس عندما تعاطوا الدواء الحقيقي، إذا أردت فعلًا التعافي من الرفض أو من أي مشاعر سلبية وتخطيها فعليك القيام بشيء أنت وحدك مقتنع قناعة تامة أنه قادر على شفائك وسيساعدك على التخطي، هنا فقط ستتخطى وتشفى ..

وإذا كان السؤال حول رفضك يراودك، فاعلم يقينًا أن كلًا منا في مكانه الصحيح فثق أنه ليس مكانك، وأن ما خلقت لأجله وخلقت له لن يكون لأحد سواك
فاطمأن.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *