
قد تكون الكتابة شيء مُنح لمن فقد الحياة وهو على قيدها لكي يحيا لبعض الوقت بين كلماته، فلسنا على قيد الحياة ولسنا أموات، نحنُ بين هذا وذاك كل ما نتمناه أن نرسو على أحدهما، لم نعد نعرف شيئًا ولا نستطيع الجواب على أنفسنا حين نسألها ماذا تريدين؟ إن الأحياء فقط هم من يستطيعون تحديد ذلك، نحنُ في تلك المنطقة الرمادية كل رغبتنا أن نمتلك لون محدد.
وجودنا في تلك المنطقة لا يدركه أحد سوانا إنهم يرونا هنا على سطح الحياة الأبيض، ويظلوا يطلبون منا أن نفعل كما يفعل الأحياء ليضيفوا على تواهاننا تيه أكبر وإلى خوفنا مزيدًا من الرعب، تفقد قلوبنا معنى الأمان لتصبح الكلمة الأغرب عليها حين تسمعها، في كل خيار يصادفنا لا نستطيع رؤية شيء سوى الاستحالة وانعدام الرغبة في الاختيار؛ فلسنا على قيدها لنختار دروبنا عليها.
متنا مرارً وتكرارً حين فقدنا كل حلم وكل أمل وكل شخص وكل صديق، مع كل تلك الأحداث وتكرارها متنا إلى أن أصبحنا الآن مجرد فتات متراكم من جثثنا السابقة نجمع ذكرى من هنا وحنين من هناك وأمل من آخر، ولكن السؤال الذي نظل نطرحه كيف لبقايا أن تبقى صامدة كإنسان!
كل ما نستطيع فعله هو محاولة تجاوز الأيام، وأن نعثر يوم بعد يوم على طريقة مختلفة لاحتمال الألم الذي يمزقنا، آملين أن نجد من يتقبلنا ونحن على تلك الهيئة المهشمة، يبقوا بجانبا آمنين لا يمنحوننا مزيدًا من الألم!