خواطر

الحبُ إعلان

هاجر متولي

أصعب النداءات تلك التي تكون بداخلُنا، تلك التي تُربك صاحبها ليتسائل لما أهتم؟ وتراها تُزيد من ساحة انصاتك لذاتك لما أود؟

بعض القرب تكون بمثابة جرعة النجاة واحيانًا تكون كالمحاكاة، هذا القرب الذي يحيطه الاطمئنان من كل جانب، وترى ذاتك تميلُ إلى التقرب منه، وتنجذب إليه وتود الاستمتاع.

حينها تجد الأرواح سكونها، وتجدُ لذاتك شبيه ويتحثُ هذا التآلف الذي يعطي لنا الانسجام، فإذا أتلفت فحينها لا يُهزمها بعدُ المسافات؛ لأن ما نُشأ فيها من انسجام جعلها تبلُغ درجة الهيام.

ففكرة أن يُحاول أحدهم من أجل أن يُسعدك رائعة مهما كان هذا الفعل وأن يجعلُك غيرك تسعدُ وتطمئن، وحدها كفيلة بأن تُكسبك جرعة سعادة -فكرة التوازي والتراخي للمُحب تُكسبك الحياة- أن تُقدم لغيرك ما يحتاجه قبل أن يطلبه، تُكسب روحه السكون لك دون أن تُعلمه بذلك.

وأن يكون هُناك من يعطيك الحب -بلا طلب وبلا غاية سوى أنه بحاجة لتواجدك- وأن يُلزمك غيرك أثناء حضوره بالاعتدال،
فكرة تُنهي حضور غيره في أي وقت آخر وأي مكان.

حينها ينشأُ الحب ويتخلل الوجدان دون أن نعي متى بدأ وكيف تخلل، وتجد أنك بحاجة لقربٍ ليس به انقطاع، وتُود أن تتقاسم كل شيء معه؛ فتصبحا سيان.

وتتغنى ذاتك كل صباح يكن به، وكل دقيقة تمر عليكما تكن في عالم يملأه الدفء، وتود لو لم يكن لها نهاية، وتجد ذاتك كما لو أنك ترى كل شيء حولك بصورة أخرى كما لو لم تراها من قبل، فينبت الحب دون اعلان، وتتضح صورة في قرب واهتمام… وتكتشف حينها أنّ الاهتمام قد يُؤثرك احيانًا بدرجة أكبر من الحب ذاته.

ولكن بعض من القرب يكون على النقيض تمامًا… قربٌ لا يُكلف خطواتنا ولو خطوة أو وقفة، ولا يُعير لأجسادنا استدارة، ولم يستحق الالتفات… حبٌ سرد بكلمات، لكن إثباته أصبح سراب، وتعلن أفواهنا وتتفوه ألسنتنا به، ولكن تفقد أرواحنا الإحساس به، وحينها تتنافر الأرواح دون إعلان وتبتعد، وإذا ابتعد اتسعت بينهم المسافات، وبحث كل منهما عن سبيلًا آخر يُجد فيه راحته.

الإهتمام شيء عظيم، قد يغلبُ الحب أحيانًا، فأعلن حبك بأفعالك لا بكلماتك.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!