روان خباز الحلبي “دِمشقيةَ”
أضعت من عُمري أربع سنوات وشهرين وبضع ساعات، والكثير من الثواني و الدقائق، وأنا أُجرح نفسي بذلك السم اللعين، أسمح له بأن يتسرب إلى جميع أنحاء جسدي، أن يسري في عروقي يختلط بدمي، أصبح يأكلني كما يأكل السرطان المُدمر جسد ذاك المريض المسكين، سلمت نفسي لذاك الداء المفترس، وصلت إلى أعلى مراحل الإدمان والتعلق، وقد أظن أني وصلت إلى مرحلة أعلى وأقوى من الإدمان بكثير ولكن لم أجد في أربعة وعشرين حرفًا كلمة تصف ذاك الإدمان القاتل سوى أنه داء، داء مميت،
من وقع فيه دخل في دوامة لا خروج منها سوى بإرادة الله،
وإرادة شخص محارب.
سمعت كثيراً عن كلمة الداء والدواء في يد الشخص نفسه ولكن لم أدرك تلك الكلمة الثمينة إلا بعد مئات الصدمات وألاف العثرات والنهضات، مع عدد لا نهائي من الخيبات، والأمنيات المعلقة إلى وقت غير معلن، قد تبقى مُعلقة حد الممات.
الثانية ليلاً، أنا وأحزاني، دموعي، ورجائي، خذلاني، قلبي المعلق برجاء الله، مع إيماني، لا شيء سوى صراع بين الظلام والنور الذي يُشع داخلي، ولكن كان الظلام في ذاك الوقت هو الأقوى، ولكن مؤكد لاشيء يدوم سوى الله جل جلاله.
لايعجبني ضعفي ولا قلة حيلتي، إلى متى سأبقى، دُمية ذاك الإدمان؟ إلى متى سأضيع وقتي وحياتي وجسدي لأجل شيء لا يستحق ذلك، حان الوقت، حان وقت التوبة، وتنظيف ذاك الجسد المُهلك من تأثيرات السم المُميت.
حذفُت كِل شيء يخُصها، حذفت جميع الأشياء التي تُذكرني بها، ومنعت جميع مواقع التواصل من وصلي إليها، حظرتها من جميع الأماكن، والأهم أن ذاك الحظر كان في قلبي،
لم يعد يسعها بعد الآن، لن ينبض لها، ولن ينطق اسمها، لن يرفرف وتتطاير الفراشات داخله عند محادثتها، أو ذكر اسمها، عند النظر إلى عينيها، أو بناء مستقبل من محض الخيال بين راحة كفيها.
إلى هنا تبدأ رحلة العلاج، أقسم أن رحلة علاجي، لا تقل شيء من ألم ومعاناة من رحلة المدمن، فكلانا يحاول علاج السم الذي كان يجري في عروقه، ذاك السم الذي ظن أنه سعادته، وهو بالحقيقة أوصله إلى حافة الموت.
توضأت وصليت صلاة التوبة، وأنا على يقين أن ذاك الذنب سوف يُغتفر، توضأت بكل هدوء وكأني أغسل ذنوب جسدي،
ذهبت إلى قِبلتي ومددت سجادتي، وبدأت أُرتل ما تيسر من القرآن، وأنا كُلي خشوع، بكيت بُكاء لم أبكه من قبل، أعتقدأن عيوني لم تبكي وحدها، ولكن كُل قطعة من جسدي كانت تبكي معي، بسبب تلك الحالة التي أوصلتهم إليها، هم محقين جداً، انا أعتذر منكم جداً، وأعدكم أن ذاك الموقف لن يتكرر مجدداً، سأنتقي في المستقبل من يمكنه أن يدخل حياتي ومن لا!
لن أدخل في تفاصيل العلاقة، فهو شيء خاص لا يمكن الإفصاح عنه، ولكن أردت أن أقص عليكم أثار بعض العلاقات السامة، التي من خلالها يمكن أن تُدمر حياتنا وتُهلكنا،
لا تخضع باسم الحب، لا تقبل أقل مما تستحق، ولا تتعلق،
التعلق سيء جداً، متعب جداً، وقاتل، قاتل مأجور تماماً.
بعد مرورك في علاقة سيئة، عش فترة الحزن، تجرد من مشاعرك، من كل شيء، عش الألم في وقته فتراكم الألم يُسبب انفجارات لايمكنك تصحيح عواقبها، بعد ذلك قم وبدأ من جديد، لا تسمح لأحد أن يجعل حياتك خرابًا من بعده،
بعد تجرعك ذاك الداء بيدك، أيضاً تجرع الدواء بيدك،
من عمق الألم والمعاناة يُخلق الإبداع.