✍️ يوحنا عزمي
التصريحات الإعلامية التي أدلي بها الرئيس ترامب اليوم وجاءت متزامنة مع لقائه بنتنياهو لا تؤشر سوي بأنه ينوي إغلاق ملف القضية الفلسطينية نهائيا بقطع الطريق علي حل الدولتين الذي تجاهله ولم يشر إليه من قريب او بعيد ، لأنه لم يكن يوما معه او مقتنعا به ولأنه يري الحل لهذا الصراع من منظور مختلف تماما.
ومن ضمن ما قاله أنه لا يري في غزة باوضاعها الراهنة سوي كتلة من الخراب والدمار لا تصلح للحياة ، وان امريكا لا تقدر بمفردها علي إعادة أعمارها ، وأنه لا يتصور كيف يقبل اهلها ان يعيشوا وسط كل هذا الخراب بينما ان هناك اماكن اخري يمكنهم النزوح اليها ليعيشوا فيها حياة اسهل وافضل.
وخلاصة كلامه هنا ان غزة أرض محروقة لا تصلح للحياة وان التهجير منها إلي خارجها هو أفضل الحلول المتاحة للازمة التي تعيشها.
ثم يجيئ تصريحه الآخر وهو جالس في مكتبه البيضاوي الكبير في البيت الأبيض وفي حضور مجموعة من كبار مستشاريه ، ويمسك بطرف قلمه ، ويقول لهم هل يعقل ان تكون مساحة إسرائيل مقارنة بمساحة الشرق الأوسط الذي تعيش فيه هي كحجم هذا القلم الصغير مقارنا بحجم هذا المكتب الكبير؟.
ويبدي ألمه واستنكاره لهذا الوضع غير الطبيعي ، ويقول ان من حق إسرائيل ان تتوسع ، وهي الدولة التي تنبض بالقوة والحيوية وبطاقة هائلة من النشاط والإبداع وبالذكاء الشديد في ما تتخذه لنفسها من قرارات ، الخ.
ما جاء في وصفه لها من تشبيهات تعبر عن مدي انبهاره واعجابه بها. وهو ما لا يمكن ان يكون له سوي معني واحد وهو تحريض إسرائيل علي ضم الضفة الغربية او معظم أراضيها إليها بالقوة والتهجير القسري لسكانها منها واعتبار ذلك حقا مشروعا لها .. وكأننا أمام نظرية المجال الحيوي المعروفة تبعث من جديد والتي تري في توسع الدول ذات المجال الحيوي الضيق تأمينا لقدرتها علي البقاء والنمو ، وبدونه فإنها تختنق وتموت.
ولهذا اتصور ان تغيير جغرافية الأراضي الفلسطينية المحتلة هو شاغلهم الأكبر حاليا ، وان قادة الدولتين سوف يخرجون من لقاءاتهم المتواصلة في واشنطن بحضور كبار مستشاريهم الأمنيين والسياسيين بمجموعة من الخطط والسيناريوهات المشتركة التي تحقق لإسرائيل اطماعها الإقليمية التوسعية بدعم أمريكي كامل لها .. ولا تهم هنا التفاصيل. ويبقي التساؤل مثارا حول ما سوف تكون عليه ردود الفعل الفلسطينية والعربية بخلاف الشجب والتنديد والاستنكار ؟
اعرف ان الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني ، ملك الأردن ، سيلتقيان بالرئيس الأمريكي في واشنطون ، ولهما موقفهما المعارض والرافض بقوة لمشاريع الترحيل والتهجير التي يريان فيها تهديدا خطيرا للأمن القومي لمصر والأردن .. وقبل ذلك لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته الوطنية المستقلة علي كامل التراب الفلسطيني ..
وقد يكون من السابق لأوانه التكهن بما سوف يثار في هذه اللقاءات من اقتراحات ، او بما سوف تفضي إليه قمة واشنطن الرباعية من نتائج ومخرجات .. وعلينا الإنتظار لبعض الوقت حتي تتضح الصورة علي حقيقتها وبعدها يمكن ان يكون لكل حادث حديث كما يقولون.