ابداعات

أنياب الحياة

 

   في طرفة عين يتغير كل شيء، تنام آمنًا مطمئنًا، ثم تستيقظ على فاجعة، تعجز عن استيعاب ما يحدث حولك، ما أسوأ أن تعتاد الألم، حينها حتى الأمان والهدوء سيُرعبانك للغاية.

 

 

  هي الحروب في كل بقاع الأرض، كأنها وباء يصيب أحد الأعضاء، لكن الألم يصيب الجسد كله، الشعور بقلة الحيلة والعجز أمام النواح والأنين، وأنت تجلس حبيسًا بين الجدران والقذائف تتساقط حولك كقطرات المطر.

 

 

  تسمع صوت الأنين تحت أنقاض غزة، بينما تركض هلعًا في السودان؛ بسبب استشهاد مجموعة أُسَر، لا تعلم أتبكي السيدة التي رأيتها في التلفاز تموت، أم تبكي المشهد الذي أمامك وتنتظر دورك؟

 

 تصرخ الأم: لا تخافوا يا أبنائي، لن يصيبكم مكروه، وأنا على قيد الحياة.

 يُطالعها أطفالها مبهورين من بسالتها، ويهدأ الخوف الذي في قلوبهم، وحين غفلة تجد نفسها في مواجهة الموت.

 

 الموت لا يتوالف، وللجدران التي تصدّعت في الحروب ألف حكاية، والبشر الذين يستشهدون بلا حول منهم ولا قوة، والأطفال تُسلَب أحلامهم قسرًا، والأمهات يرددن: “اللهم سلّم، اللهم سلّم”، والآباء يعتصرون الألم بين ضلوعهم، والجميع عاجز عن تغيير شيء.

 

  للأنقاض قصص كثيرة، وللبنايات الصامدة التي تخاف أن يأتي دورها في الانهيار قصة أخرى، أما لحظة الانفجار فهي أشبه بكارثة، كنيزك هرب من السماء عنوة، إلا أن الاختلاف هنا النيازك لا تتوقف، وعدّاد الموتى قد توقف عن العمل من فرط الأعداد الهائلة.

 

 يردد الجميع بصوت عالٍ للغاية:

“أنقذونا، نحن نموت، اللهم احفظنا، اللهم أهلنا، اللهم أمنّا وطمّنّا يا أمان الخائفين”.

يختمون دعائهم بقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182).

ويرددون الشهادة في كل حين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!