أميرة محمود
إذا كنت تنتظر مني أن أسألك هل تؤمن بالحب لأن جوابك سيكون نفيًا فلا مكان لك هنا، جميعنا نؤمن بوجود الحب حتى لو لم نقابله، سواء كنت المانح أم الآخذ، هل الحب عطاء وأخذ؟ ربما.
عندما أذكر الحب الأبدي، فربما تبادر إلى ذهنك “قيس ليلى” ذاك المجنون الذي أحب حتى جُنَّ، أو حتى “قيس لبنى”
من الذي قال: “اللهم زدني بليلى حبًا وجنونًا ولا تنسني ذكرها أبدًا” ،وذاك الذي قال: “كأني أرى الناس المحبين بعدها عصارة ماء الحنظل المتفلق”
فهل يوجد في زماننا هذا أحد القيسين؟ قيس بن الملوح أو قيس بن ذريح؟
هل يتجسد الحب الأبدي بوجود المحبوب أم بوجود الشعر؟ هل الأبيات التي بقيت أم الحب أم كليهما؟
ربما كانت محض لحظات عشاق ليس إلا، رغم موت قيس ليلى بحمى حبه، ورغم وقوف قيس لبنى بقبرها قائلًا “وسوف أبكي بكاء مكتئب قضى حياةً وجدًا على موت” ثم أكب على القبر يبكي حتى أُغمي عليه، فرفعه أهله إلى منزله وهو لا يعقل، فلم يزل عليلًا لا يفيق، ولا يجيب مكلمًا، ثلاثًا، حتى مات، فدُفن إلى جنبها، لحظاتهم التي هي حياتهم.
ربما تلك الفئة من الشعراء موهومة؟ يوهمها شعرها أو تظل تقول شعرًا حتى يلامس قلبها، والحقيقة ربما تكون خلاف ذلك.
في بعض الأوقات قيل “ما الحب إلا للحبيب الأولِ” هذا يعني أنه قد تم ترتيبه، وإذا تم ترتيبه ألا يعني بذلك انتهاءه؟
يقال أن الحب الأول للرجل لا ينسى، هكذا فقط لا ينسى، ولكنه قادر على أن يحب مرة أخرى وبذلك تنتهي صلاحية الحب الأول.
أي أن للحب تاريخ انتهاء صلاحية، الحب لا يبقى للأبد كما لا يمكن لأي شيء أن يبقى للأبد.
ستسألني “وقيس؟” قيس حب فجُنَّ فمات.. هكذا فحسب.
الحب للأبد شيء اخترعناه لتعزية أنفسنا، كي نبقى قادرين على الثقة بمن نحب وبأنفسنا، بأننا سنظل نتلقى الحب ونعطيه إلى الأبد.
ربما تختلف معي في هذا لكن تذكر خلال ذلك أنك ستكون أنت “قيس” الوحيد الآن.. وسيكون عليك الحذر.. عليك ألا تجن، عليك ألا تفارق.