✍️ يوحنا عزمي
زيارة السيد وزير الخارجية بدر عبد العاطي إلى بيروت بتاريخ الأربعاء 13 نوفمبر 2024 هي أهم زيارة لمسؤول مصري إلى لبنان منذ زيارة الرئيس الراحل حسني مبارك إلى لبنان عام 2000 ، هي الأهم بالفعل منذ ربع قرن ـ تقريباً ـ لأنها تؤسس لدور مصري اكثر حيوية في لبنان.
عبقرية التحرك المصري ، وعبقرية السياسة الخارجية في مصر عموماً ، أننا لا نسعي لملء دور أحد ، او الدخول في منافسة إقليمية على حساب الشعوب والدول الوطنية ، ولكن “المصلحة العامة” هي عنوان السياسة المصرية ، ما يجعل فرقاء الدول والاقليم “مجبرين” في بعض الأحيان وفى واقع الأمر على التعاون مع الدور المصري.
التحرك المصري الأخير ، عكس كافة التحركات الإقليمية الأخرى نص على إحترام الرئاسات اللبنانية الثلاث ، بينما البعض يسعى إلى الغاء أهمية وثقل رئاسة مقابل رئاسة أخرى، كلاً حسب تموضعه الطائفي والإقليمي او السياسي ، فالرئاسة السنية “رئاسة الحكومة ” والرئاسة الشيعية “رئاسة البرلمان” والرئاسة المارونية ” رئاسة الجمهورية ” على قدم المساواة في الحسابات المصرية ، لا تسعي القاهرة لالغاء رئاسة مقابل أخرى او محاولة تصعيد رئاسة مقابل اخري.
والبند الثاني في التحرك المصري هو عدم توظيف العدوان الإسرائيلي من أجل تهميش اى طائفة بعينها ، والمقصود بالقطع ـ هذه الجولة هي الطائفة الشيعية التي نالت النصيب الأكبر من الضربات ، في محاولة من العدو لتفكيك “البيئة الحاضنة لحزب الله”.
والبند الثالث ان مصر لا تحاول ملء فراغ إيراني او عربي لأن مصر في الأساس كانت حاضرة في لبنان قبل هذا التواجد ، ومن جهة أخرى مصر حريصة على التنسيق مع الأطراف الإقليمية الفاعلة في لبنان ، لمعرفة مصر ان الدور الإيراني ـ في واقع الأمر ـ لن ينتهي في لبنان جراء أفعال العدو الجارية ، فلم تسقط مصر في فخ تلك الحسبة الساذجة التي سقطت بها بعض الأطراف اللبنانية والإقليمية ، وبالتالي فأن مصر تحركت للبنان من أجل لبنان ، لا من أجل مصادرة بعضاً من الأرصدة الإيرانية السياسية في لبنان ، او محاولة تغليب طائفة لبنانية بعينها او تغليب فريق سياسي او رئاسة لبنانية على رئاسة او فريق آخر.
والأهم من كل هذا ، وتلك هي الواقعية المصرية ، ان المعطيات كلها تفيد باستحالة توظيف الأحداث الحالية في تهميش طائفة بعينها وعلى رأسها الطائفة الشيعية ، او تفكيك رئاسة بعينها من الرئاسات الثلاث ، او تغليب فريق سياسي بعينه سواء بقايا 14 آذار او بقايا 8 آذار ، او تآكل الدور الإيراني في لبنان .
وبالتالي فأن التحرك الوحيد الذى تسمح به المعطيات هو “حل الأزمة في لبنان” فحسب .. وهو ما تحركت له مصر وميز التحرك المصري عن أيا من التحركات الإقليمية او حتى الدولية بحق لبنان.
ترتيبات الزيارة عبقرية بحق ، فقد ذهب السيد الوزير بدر عبد العاطي بطائرة محملة بالمساعدات الإنسانية التي يستحقها لبنان ، وتبلغ 21 طناً وهي الرابعة من مصر إلى لبنان منذ بداية الأزمة ليصل اجمالي المساعدات المصرية إلى 88 طن حتى الان ، وعاد بطائرته محملة ببعضاً من المصريين الراغبون في مغادرة لبنان ، فمارس الوزير في رحلة واحدة أدوار يمارسها فريق كامل ، وبرهن على فاعلية القرار السيادي بدمج وزارة الخارجية مع وزارة الدولة لشؤون المصريين بالخارج.
- إلتقى الوزير عبد العاطي مع قائد الجيش العماد “الفريق” جوزيف عون ، والرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب ، والرئيس نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الاعمال ، أضافه إلى نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب ، كما حرص الوزير عبد العاطي من الاتصال هاتفياً من مقر إقامته ببيروت مع سماحة الشيخ عبداللطيف دريان ، مفتي الجمهورية اللبنانية وغبطة البطريرك بشارة بطرس الراعي بطريرك الكنيسة المارونية ، كما ألتقي مع النائب السابق وليد جنبلاط زعيم الطائفة الدرزية في لبنان بحضور ابنه النائب تيمور جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والقيادي العتيد بالحزب النائب السابق مروان حمادة.