بقلم: شيماء_حسانين “رحيل”
لا شيء يشوبك، ولكن ما حولك يجعلك تشعر بالألم، يجعلك تٌعاني في منحنياتٍ شتى، وأنتَ .. أنتَ تظل عاجزًا لا تقوى على الحراك.
تظل تعاني في صمتٍ أزلى سينتهي بموتك، وبمغادرتك هذه الحياة بشكلٍ كامل.
ثم أخبرني ما الذي ستؤول به الحياة؟!
أخبرني وماذا عنك؟!.
أما عني أنا، فقد تركتني على قارعة الطريق، أشكو للمارة طول هَجري وضياعُ عقلي، وتشردي في هذه الحياة.
أنتَ قد لا تراني؛ لأنني أصبحتُ شفافًا والجميع يمر من خلالي.
أحاول أن أحذرهم من السير في هذا الدرب، الذي ستنتهي حياتهم على قارعته، دون أن يلتفت إليهم أحد.
سيصبحون مثلي، لا أحد يراهم، لا أحد يشعر بهم وبوحدتهم، وغرقهم في اليم مع أحزانهم.
ولكنهم لا يسمعون صوتي، أظل أهاتفهم، ولكن لا أحد يسمعني، يسيرون برغبتهم دون قيود، دون أن يشكو أيًا منهم، ولكن كيف سيعودون؟!
هل سينتهي بهم المطاف هنا جميعًا؟!.
في محاولاتي الكثيرة للأقتراب من أحدهم، أجدني لا استطيع، ولكنها فعلت، هي رأتني.
شعرت بما يجول في وجداني، كأنها طيفٌ شارد من الحياة، إنها المرة الأولى التي لم يعبر فيها أحد دون أن يسمع صوتي.
وجدتها عبرت من خلالي، وشعرت بوجودي فتوقفت لتراني، وحين أمعنت النظر وبدأت تبحث في هذا السراب، وجدتني وسمعتني، وجلست إلى جواري تحدثني وأحدثها.
قامت بسؤالي لماذا أنت هكذا لا أحد يراكَ؟!
فأخبرتُها أنني تركتني هنا وغادرتُ منذ سنوات، فتبدلت ملامحها وتعجبت، فقالت:
كيف يترك المرء نفسه؟!
أيستطيع أن يفعل؟!
أجل يفعل، وأنا خير مثال أمامكِ الآن، أنا تركتني وغادرتني حين سئمتُ مني، ووجدتني دائمًا تائهًا لا أحد لي، ولا أحد يدلني على الطريق.
لذلك توقفتُ هنا، لكي أكون دليلًا للتائهين؛ لأنني لم أجد منَّ يدلني أو يسمعني.
ولكنكِ فعلتِ، أصبحتِ الضوء الذي يُنير لي عتمة الدرب، أصبحتِ دليلي ووجهتي التي طالما بحثتُ عنها.
أنتِ فقط فعلتِ.
ثم امسكتُ يدُها وقُلت: الآن سنسير سويًا، وسأعود إليَّ مرةً أخرى، هل نستطيع أن نفعل؟!
نستطيع ثق بي.
لم أثق في سواكِ، فأخذت بيدي وأعادتني إلي كما عاهدتني، ثم رحلت، ولكنني لم أرحل لا زلت هنا أنتظر عودتها، أعلم جيدًا أنها ستعود لأجلي.
انتظرت طويلًا ولكن لا بأس، سأنتظر أكثر لأجلها، هي ستأتي لأجلي، ستسمع صوتي، وتراني من جديد.
ربما ليس الآن، مع الوقت تتبدل ملامح البشر، وتتغير دروبهم، ولكنها تعرف دربي، ولن تنسى ملامحي.
بل إن البشر يغلب عليهم النسيان، ولكنها لا، فهي أحبتني كما فعلت.
ظللتُ لسنواتٍ طوال، إلى أن رأيتُها من جديد، تحمل الكثير على أن لا يعبروا الدرب كما كُنت أفعل.
لكن لم يسمعها أحد، ولم يراها غيري، فعلت مثلما فعلت، وجلسنا سويًا نحاول إرشاد العابرين، ولكن لا أحد يرانا.