ابداعات

سأحكي لأبي

 

سامح بسيوني 

 

 جلست على بساط سليمان، أحلم أن يحملني برحلة إلى ماض مليء بالذكريات، وبجانبي كوبًا من مشروبي المفضل(الشاي ) والابخرة التى تتصاعد منها في سباق وطيس إلى روحي وسألتني 

بصوت مهموس لا يسمعه الا نفسي 

لمن اشتقت إليه عبر الزمان والسنين؟

فطار خيالي إلى أبي أريد أن احتضنه بعد فراق طويل، أقص عليه عما دار في سنوات واستمتع إلى حديث ملئ بالٱمال والذكريات.

 

سأقص له عن حالات من القلق والتوتر والخوف والرجاء عما عانيته من فراق وأنا صغير، سأروي له كيف كنت أشتاق اليه في كل يوم في كل عيد وهو يصحبني معه لصلاة، ويشتري لي مسدسًا وبعدها أذهب معه إلى ملاه وأركب مراجيحًا وقهقهة مني تملأ الكون بالضحكات. 

 

 

سأذكر له يومًا ملئ بالقلق والخوف على عندما كنت صغيرًا معه، وافتقدني وظل يبحث عني في لهفة واشتياق.

 

سأذكر يوم رحيله عندما كان ساجدًا بين يدي خالقه ففاضت روحه إلى جنة الخلد ومأوى الرحمن، وانا جالس بجانبه أترقب لماذا أطال أبى السجود؟ لماذا لم يرفع رأسه إلى الآن؟ نعم لم أقلق في أول الأمر لأنه عادته هي الإطالة في سجوده، ولكن سقط قلبي خوفًا على أبي عندما مرت دقائق بلا حراك.

 

 فظللت أتحسس برفق على جبينه لعله يتحرك فيعود الي الاطمئنان، ولكن ما باليد حيله فقد فاضت روحه إلى العدنان، فتمنيت لو كان المسيح معنا يعيد روحه بأمر من الله، والرجال في المسجد تيقنوا بأنه رحل في هدوء إلى الرحمن، فحملوه إلى بيتنا ليجهزوه للقاء.

 

  ولم أنس يومًا وجهه وهو مبتسم ودموع تنزل من عينيه، وكأنه حي لم تفارقه الحياة وروحه الذكية معنا المليئة بالإيمان.

 

 

سأحكي عن حكايات كتبتها وغلفتها بباقة ورد ووضعتها على قبره وصوت الخفاش يشدو بصوت مليء بالاحزان.

 

 

سأحكي لأبي عن حلمه معي، وأنا صغير بأن أكون قارئًا للقرٱن، وأمامًا وخطيبًا للناس، سأقول له تحقق الحلم كما كنت تتمناه.

 

وسأدخل الفرح في قلبه سأحكي له عن أبنائي البنين والبنات.

 

وظل البساط يطوف بي على أحبة فارقوا الحياة من أخ وصديق وجار وأنا في قمة سعادتي وأفراحي، وفجأة تحرك البساط بلا انذار فقلت له إلى أين المسير؟ قال لي، إلى دنيا النفاق قلت تمهل، فأنا لا أريد مغادرة الاحباب.

 

 

 ولكنه لم يستمع إلى وزادات سرعته، فهبط بي في صحراء شاسعة تغطي الآفاق، وظللت أتقلب ذات اليمين وذات الشمال فاستيقظت من حلمي، وياليتني ظللت فيها أعوامًا؛ لارتوي حنانًا وإخلاصًا غاب عبر السنين ومرارة الأيام.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!