زينب عبد الحفيظ
ضباب الرؤية مخزٍ، والهواء الحار يلسعك، يدس بجسدك الهموم.
توقفي، وانظري حولك… هل ترين شيئًا؟
هل يروق لك شيء؟
تابعي أيتها المسكينة، لوّكي أيامك المُرّة، وحاولي التلذذ بها.
جاهدي روحك المدفونة فيكِ.
تمقُتين رائحة الأيام، وتُزعجك الألوان الباهتة.
أنتِ تلك الأنثى التي طغى عليها الحزن،
تخطين بلا وجهة في طريق الاضطرار.
جامدٌ وجهكِ، لا تتأثر ملامحكِ، لكنكِ ترتعشين حزنًا.
لا تخافين، لا تخشين الفناء.
تستطيعين الولوج في دائرة المجهول، ومبارزة الماضي بسيف واهن.
تستطيعين سحق الصخور بالصبر، لكن… إن أردتِ.
وماذا لو لم يستهويكِ شيء؟
حتى وإن هُيّئت لكِ الدنيا، تثقل روحكِ على المضي فيها.
تضعين الطلاء بلون الحياة، بينما الشحوب يتسلّل كالجِنّ في جلدكِ.
تثقبين الجميع بنظرات نارية،
يُرمى عليكِ بشباك الاتهام، ولن يكون أحد أشدّ منكِ حدةً وقسوة.
ألم تسمعي بكاءكِ؟
ألم تفزعكِ شهقاتكِ المحترقة؟
تأدّبي، لا تحكمي على كلماتكِ السامة.
أنتِ هشّة كقشور البيض.
تُسحقين من كلمة، وتُقتلين بالنظرات.
لن يفهم أحد رفضكِ، ولا ركاكة روحكِ.
تريدين أن تحيي… لكنكِ تتمنين الموت.
لم تصلي إلى هذا، ولم يأتِكِ ذاك.
ترتدين ثوب الفتور، وتتراقصين على ألحان اليأس،
وتحتضنين قوتكِ الواهية.
ربما سمعتِ عن الغضب الهادئ،
ذاك الذي يودّ الفتك بالوجود،
لكن الوجود لا يجيد لمس الأعذار.
إن غضبتِ على الطبيعة،
ستحرقكِ السماء، وتبتلعكِ الأرض.
لم يجيد أحد قفل قرطكِ المزيّن بالحب،
الحب ينفرط، ويحتضن الوحل كلما حاولتِ الحفاظ عليه.
أين تذهبين بغضبكِ النافر، وبكائكِ الذي يصمّ الآذان،
ولا تلتقطه الآذان؟