ابداعات

عـزيزتـي أنـا …

مشتهى عوض الكريم 

 

لقـد مـر وقتُ طويل منذ آخر مرة احتضنتُك فيها، ليس غريباً أن نكون على خِصام بل الأغرب أن يظل خِصامنا للأبد، ونحن نعلم بأننا لن نفترق فأنتي أنا وأنا أنتي، ولا بد أن تشفع الحياة لنا وتجمعنا في مطبِ ما، وتجعلنا أن نتجرع مرارتها من كُؤوس الماضي، ثم تقبلنا وتقودنا للمستقبل.

 

عـزيزتي قد آن الآوان، وقلّ السُكان وانهدمت المباني، ولم يعُد لذكرياتنا آثر، فلما الإنتظار بلا جدوى؟

أعلم أننا البارحة لم نكُن على ما يرام، لكننا اليوم نختلف عن الأمس، ربما كل شيء تلاشى لبعضٍ من الوقت.

 لطالما كانت تُراقصنا الحياة على أنغامها، تُراقصنا وكأننا كالقطيع نسيرُ خلفها بصمت، لم يكن كل شيء ممكن لأننا كنا نجعل الممكن مُستحيل، كنا نُغادر الأشياء بلا محاولة، كانت حُدودنا قليلة جدًا أنا الشخص البائس وأنتي الضحية لبؤسه.

 

تقذِفني الذاكرة إلى الماضي المُر فيلتقِطُتي ضعفي وقلة حيلتي، ونظرتي الباهتة للأشياء.

تحملتي الكثير لأجلي، وأنا لم يكن بوسعي فعل شيء لأجلك بل كنتُ الغائب الحاضر ولا جدوى من حضوري، ففيّ شيء لا تفسير له، أنفاسي تنخفض، يقلُ الأكسجين فجأة، وأشعر بأن الحياة تبتعد عني وفجأة كل شيء يعودُ كما كان، فلا أدري هل أواصل أم أتوقف.

 

لكننـي بالرغم من ذلك أتوقُ للقياك، بداخلي شيء يريدُ أن يقترب منك، أريد التخلص من ذاك التناقض، من ذاك الجسد الذي انقسم إلى نصفين واختفى.

أريدُك أن تعلمي فقط أن أبتعدتُ عنكِ عنوة، لم يكن قصدي الرحيل، ظلامُ هناك بداخلي قد زاد، ولديّ خفقانٌ في الفؤاد، وكل بياضٍ أصبح سواد فلا تلومني على حماقتي، كله حدث بالصدفة، تلك الصُدفة المُبكرة التي لم تأتي في وقتها، داهمتني رغم صُغر سني وقيدتني بزنزانتها.

 

سـامحيني على كل وقتٍ قضيتهُ بدونك، أنتي الوحيدة التي لديكِ الحق الكامل في البقاء معيّ، الوحيدة التي تستحقُ الحُب، فلا أبرُر لك ما حدث لكنني أقدمُ لك ألآلآف الإعتذارات، وأوعدكِ أننا سنلتقي ذات يوم، في ليلة قمرية تحِفها النجوم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!