ابداعات

جهاد محمود

بقلم- جلال الدين محمد:-

 

امتلأ قلبي بالإحباط ونفسي بالضيق

ها هم يُعلنون مُجددًا عن قصف لمخيم نازحين

مائة شخص أو أكثر دُفنوا أحياء

كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل 

خرجت ولم يكن في الطريق غيري 

كم كنت حزينًا مما نحن فيه من ضعف وفرقة! 

أحد عشر شهرًا من استباحة غزة

كيف لا يتحرك المسلمون حتى الآن

ألا يوجد فيهم واحد يغضب لحرمة دمائنا 

أي زمان هذا الذي أعيش فيه

وبينا الأفكار تُبحر بين ضفتي عقلي 

انزلقت قدمي ووقعت في حفرة 

كانت السقطة صعبة وشعرت بدوار شديد في رأسي

ما هذا الظلام الدامس، كيف أخرج من هنا وما كل هذا القش؟! 

أخذت اتحسس الجدران حتى وجدت ملمسّا خشبيّا 

صرخت كثيرًا بلا فائدة، فابتعدت قليلًا ثم اندفعت بكل قوتي لينكسر الجدار الخشبي واجد نفسي ساقطًا أم رجل نظر إلى في فزع

تعجبت من شكله وملابسه وأعتقد أنه كان يفوقني عجبًا 

ثم نطق بالفصحى ليسألني من أنا وما تلك الملابس، فكان ردي بسؤال أين أنا 

قال في مصر، اليوم كانت الأحداث كبيرة السلطان سيف الدين قطز دعا إلى الجهاد وها نحن نُعزز الجيش لنواجه التتار 

هل تُحاول التخفي يا هذا لتهرب من الجهاد؟! 

قلت أبدًا هل لك أن تأخذني للسلطان قطز، واستأذنت الرجل أن يجد لي ملابس جديدة

 

دخلت مجلسه يا لهذه الهيبة والوقار، أنا الوحيد بين هؤلاء الذي أعرف ماضيه، هو الأمير محمود بن ممدود، خاله السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، مجاهد من نسل مجاهدين ولكنها فرقة المسلمين شتت ملك عائلته، وألقته في سوق الرقيق

ولكنها أقدار الله، حملته عبر البلدان والأمصار ليكون اليوم درع الأمة ومنقذ الإسلام في أخطر منعطفات التاريخ 

 

قال السلام عليك أيها الغريب فيما أردت لقائي؟ 

قلت وعليك السلام يا سلطان المسلمين 

أردت سؤالك عن التتار أرسلوا لكافة الملوك رسلهم فارتعدت الأقدام وخفقت القلوب فكان من خان وناصرهم ومن هربوا كالجرذان، وأنت اخترت غير ذلك فكيف فعلتها؟!

 

رفع رأسه في فخر لم ارى في حياتي له مثيل

وقال يا رجل، أنا اليوم على المؤمنين أمير، وعلى شرف الإسلام وكلمته أمين، أيبقى إسلام أو مسلمين لو واليت اليوم جيش الشياطين، ليدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرين ولنُشتت شملهم أجمعين، أو ليعبدوا الله له الدين مخلصين

 

قلت يا سلطاننا الفطين، لقد ذبحوا في بغداد ثمانمائة ألف، ألا تخاف من ذات المصير، وأنت تعلم أنه لو خسرت فلا موالي لك ولا نصير

 

قال أنا ولي دم مسلمي الرافدين أجمعين، هم ومن نطق شهادتهم. هل تريدني اليوم يا رجل ان أترك ثأر المسلمين؟! 

وثأر أهل بيتي الذين كانوا كرامًا عالين؟! 

هل تعرف وقتها ماذا قال ضعاف النفوس الذين هلكتهم الدنيا، تركوا خوارزم تسقط وظلوا صامتين فدارت الدائرة على من ولوا مدبرين 

أما أنا فعلى عهد جهاد محمد نبي العالمين ومن الكُرار على الكافرين ألقاه لا من المتخاذلين 

 

أخبرته عن علمي بالطب وسألته أن أسير مع المجاهدين، فسمح لي بالبقاء وكان لي من المكرمين

دارت في عقلي ألف فكرة

التاريخ يُعيد نفسه بطريقة مرعبة، كيف تركنا العراق، سوريا، واليوم غزة؟! 

كيف نظن أن الدائرة لا تدور على المتخاذلين؟ 

أي غفلة تلك التي نعيشها في زماني، كيف نوالي الأعداء وندير الظهر للأخوة والأصدقاء؟! 

 

وحين حمي الوطيس كنت على الجبل ليظهر أمامي سهل عين جالوت كاملًا وأرى من خلاله كل شئ بوضوح

 

رضى الله عن سعيك يا بيبرس وتقبله منك يا لشجاعتك! 

من هذا المغوار الذي ينطلق كالسهم هناك؟! 

إنه السلطان نفسه هذا قطز بعد أن سبقته چلنار إلى الجنة 

واااااااااااااااااإسلااااااااامااااااه

شعرت بقشعريرة لم أشعر بمثلها في حياتي وأنا اسمعه ينطقها فيردد خلفه المؤمنين ويتبعوه كالأسود يقضون بشجاعة على الكافرين 

انهمرت الدموع من عيني كالنهر ولكني كُنت مليئًا بالفخر

وفجأة انزلقت قدمي من الجبل الذي كنت أعلاه فهويت بسرعة البرق

ولكن حين سقطت وجدت الدوار نفسه يعصف بعقلي 

صوت المارة جعلني أنتبه بسرعة 

كان من بينهم صديقي نبيل الذي كان أكثر الناس دهشة بما ارتديه 

فهمت الآن عُدت إذن إلى زماني

تجاهلت أسئلة الجميع ومشيت وحدي حامدًا الله أن جعلني أري بعيني نصرة للمؤمنين 

فوعده سبحانه حق، فإلى أن يخرج من بيننا محمودًا يحمل راية أمتنا نحو جهاد نهايته نصر الله وفتحه القريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!