بقلم/ انتصار عمار
مهما كان قلمك حرًا، يكتب ما يشاء، ويترجم كل ما يجول بصدرك، وما يتغلغل في أعماقك من دوافع، وميول، رغبات، أحاسيس، أحلام، أماني، وتطلعات حتى المخاوف، إلا أن هناك صندوقًا مغلقًا، يسكنه الغموض، يفترشه الحزن، يبكي فيه الأسى، تكسوه الهشاشة والإستكانة،
والضعف، ذاك الصندوق يستوطن ثناياك، يحيا داخلك، معك أينما كنت، يُلازمك أينما حللت أو رحلت.
صندوق قديم قدم عمرك، يحوي جميع دفاتر حياتك، وكل أثاثها، ومدنها، وشوارعها، وأحيائها، حتى أشجارها.
يضم جميع مجلدات، ومخطوطات العمر، والتي تحكي فصول العمر الأربعة.
ولا يقوى قلمك على أن يدنو من حافة هذا الصندوق، أو يصعد درج ثناياك، فوحدك من تمتلك مفتاح هذا الصندوق الذي تسكنه آلامك التي تصرخ في صمتٍ بأعلى صوت.
وهذا أقسى أنواع الصراخ، حينما تُكَتم صرخاتك التي تشتعل بين جنباتك.
كهف مظلمٌ تعيش به وحدك ، ويحياك هو، وكأنكما خلقتا سويًا كتوأم ملتصق.
صورةٌ جميلة ترتدي ثوب المرح، تشع ملامح هذه الصورة رقةً، وعذوبة، وكأنها تمثالٌ جميل يشبه لوحةً فنيةً غايةً في الجمال والروعة.
وهذا ما تُبصره عين الرائي، وهو عكس ما تواريه الحقيقة، المموهةُ للجميع، فهو عبارة عن تمثالٌ أجوف، هيكلٌ لبقايا إنسان ألقت به أمواج الحياة بعيدًا عن شطآنها، بعدما تلاطمته هذه الأمواج، شرقًا، وغربًا.
يبدو وكأنه لوحةٌ فنيةٌ مكتملةٌ الأركان، مرسومة بإحترافية، غاية في الروعة، لكنه في الحقيقة أشبه بلوحة الموناليزا، وأشبه بزهر البنفسج الآخاذ، الذي يبهر الجميع بجمال رونقه، وسنا ضوءه المنبعث منه، وكأن هذا الضوء المنبعث منه يهديك السبيل إن ضللت طريقك.
ولكنه يواري خلف أوراقه قصةً لا يعلمها أحد، يخفيها بين ثنايا أوراقه، ويُطبق عليها أنفاسه، تلك القصة هي صاحبة الستار الذي يسدل فوق وجهه الحزين.
عندما تراه تنجذب إليه، وكأنه يملك يدًا خفية، تُمسك بك لتأتيَ إليه، وأذرعًا تمتد لتحتضن روحك.
وكلما دنوت منه أو أقتربت، تتوق نفسك، وتتمنى أن لو بينك وبينه حديث يدور !