✍علي محمد علي
حلم الجمال والشباب الدائم حلم قديم قدم الإنسان نفسه، ومحاربة الشيخوخة ومقاومة تأثيرات الزمن معارك خاضها الإنسان منذ بداية تاريخه، وتنوعت أدواته حسب المتاح في بيئته لكنه كان و مازال باحث عن الجمال ومقاومة تأثيرات الزمن والطبيعة السلبية.
التجميل عند المصريين القدماء
منذ آلاف السنين استخدم المصريين القدماء زيت الزيتون وبيض النعام والعجين والعسل واللبن والرمل وخلاصة الصبار وغيرها مع الاحتجاب من الشمس والتراب والحشرات كعوامل حفاظ على جمال البشرة.
التجميل في العصر الحديث
وفي العصر الحديث دخلت الإكتشافات العلمية والمستحضرات الصناعية سوق التجميل وامتدت من الدهانات والمستحضرات الموضعية إلى إجراءات مثل حقن مواد معينة “البوتكس” و “الفيلر” ووضع حشوات مثل “حشوات السيليكون” وغيرها لبناء المناطق الضامرة وأجهزة طبية وغيرها ممكن استخدامها في المنزل، وتوسع مجال مستلزمات التجميل بقدر توسع حلم الإنسان المعاصر وتطلعاته للجمال وخوفه من الشيخوخة والزمن، وأصبح لكل إجراء مزاياه وعيوبه ومخاطره، وفي ثمانينات القرن العشرين ظهر حقن الدهون الذاتية كثورة في مجال التجميل واستعادة الشباب وتطورت أساليبه وتقنياته وأدواته مع تحسن كبير في نتائجه.
الأستاذ الدكتور كرم علام أستاذ جراحات التجميل في كلية الطب يوضح بالإجابات على جميع التساؤلات حول الحقن والفيلر
– ماهي أهمية الدهون للوجه وعلاقتها بمظاهر الشيخوخة؟
– مع تقدم السن تفقد أنسجة الوجه وخصوصاً الدهون جزء من حجمها ويفقد الوجه مظهره الشبابي المتألق وتظهر التجاعيد والترهلات وتبرز عظام الوجه كملمح أساسي من ملامح التقدم في العمر.
– ماهي أهم أسباب فقدان دهون الوجه؟
– التغيرات الهرمونية مع تقدم العمر ومع بعض الأمراض وبعض الأدوية ومع النحافة يمكن أن تتسبب في فقدان دهون الوجه خصوصاً في منطقة الخدود وحول العين. وأيضا العوامل البيئية المحيطة مثل التلوث والتدخين والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية والتوتر وغيرها من العوامل التي تكسر ألياف البشرة وتغير تركيبة وترتيب دهون الوجه وتراكمها أسفل الوجه وفي الرقبة. ومؤخراً أصبحت جراحات السمنة وأنظمة الدايت القاسية من أسباب فقدان دهون الوجه الأساسية.
– ماهو المقصود بحقن الدهون الذاتية؟
– نقل دهون من الشخص نفسه من مناطق تراكم الدهون (المنطقة المانحة) مثل البطن والأرداف والفخذين ومعالجتها وتنقيتها وإعادة حقنها للأماكن النحيفة المطلوب تسمينها أو تكبيرها مثل الوجه والكفين والثدي من خلال إبر حقن دهون خاصة تناسب مكان الحقن وهذا تدخل طبي يتم في غرفة عمليات مجهزة لضمان معايير الأمان ومكافحة العدوى.
– ماهو دور حقن الدهون في الندبات؟
– حقن الدهون له دور مميز في علاج الندبات الناتجة من الحروق أو التشوهات في الوجه والجسم وتحسين مظهر ندبات حب الشباب والندبات العميقة والغائرة، يساعد على تحسين شكل الجروح والندبات وجودة وملمس ولون الجلد. وحقن الدهون له دور كبير في علاج الضمور المصاحب للتشوهات الخلقية للوجه.
– عملية حقن الدهون تتم ببنج موضعي أو بنج كلي؟
– ممكن أن تتم تحت تأثير البنج الموضعي مع بعض الأدوية المهدئة في الوريد أو البنج الكلي بناء على ظروف كل حالة وكمية الدهون المطلوب حقنها وقرار الطبيب المعالج.
صورة حقن بالدهون قبل وبعد
– النتيجة التي نراها بعد الحقن مباشرةً هل هي النتيجة النهائية؟
– النتيجة التي نراها بعد الخروج من غرفة العمليات تتكون من جزئين الأول هو الدهون التي تم حقنها والثاني هو التورم، والتورم رد فعل طبيعي للتدخل الطبي وتعامل ابر حقن الدهون مع أنسجة الجسم ويكون بشكل أساسي في الأسبوع الأول بعد الحقن ويخف بشكل تدريجي الى ان يختفي خلال أسابيع. بعد اختفاء التورم تتبقى الدهون التي تم حقنها وهذه في العادة يعيش منها ٦٠-٧٠ بالمائة والباقي يمتصه الجسم خلال الست شهور الأولى بعد الحقن، وتتفاوت نسبة الدهون الممتصة عند بعض الناس حسب عوامل كثيرة لكن الجزء المتبقي من الدهون بعد ٦ شهور من عملية الحقن يصبح جزء من نسيج المنطقة ويستمر بشكل دائم.
– ماذا يحصل بعد العملية وماهي أهم الإحتياطات والتنبيهات؟
– يجب على من خضع لعملية حقن دهون أن يفهم جيداً أن التورم يزيد بشكل واضح خلال الأيام الأولى بعد العملية وبعد ذلك يبدأ بالتناقص ويختفي على مدار الأسابيع القليلة بعد العملية، وهذا مهم جدا حتى لاينزعج لو لاحظ زيادة في التورم خلال الأيام الأولى بعد العملية.
ويجب على المريض أن يأخد الأدوية كما هي موصوفة من الطبيب وللمدد المحددة ويمتنع عن أي أدوية أخرى بدون مراجعة الطبيب وحتى لو كان يأخد أدوية معينة قبل العملية مثل الأدوية التي تزيد سيولة الدم (البروفين والأسبرين) يجب إيقافها قبل العملية بفترة كافية.
والتدخين كذلك تأثيره سلبي جدا على خلايا الدهون التي تم حقنها ومن أجل ذلك يجب وقف التدخين على الأقل ٦ أسابيع قبل العملية و ٦ أسابيع بعدها لزيادة فرصة التغذية الدموية السليمة للخلايا الدهنية الجديدة وفرص أن تكمل.
– هل هناك تنبيهات معينة فيما يتعلق بالطعام والتغذية بعد العملية؟
– شرب المياه بكميات كافية، والأكل يبدأ بعد العملية بالأطعمة اللينة مثل “الشوربة” و “العصير” في أول يوم وبالتدريج بالأطعمة العادية حسب التقبل، ويفضل تقليل الملح في الأكل لأن الملح ممكن يزيد احتفاظ الجسم بالمياه وبالتالي التورم.
– ممارسة الرياضة بعد عملية حقن الدهون الذاتية؟
– تجنب ممارسة الرياضة الشاقة أول شهرين بعد العملية، وينصح بالرياضات الخفيفة مثل المشي، وفي كل الأحوال تجنب الضغط على اماكن حقن الدهون بما في ذلك النوم على مناطق الحقن.
– هل حقن الدهون يسبب شد للوجه؟
– فكرة حقن الدهون الأساسية استعادة الشكل الجذاب وامتلاء الوجه وهذا يترافق مع درجة معينة من درجات رفع وشد الوجه، لكن حقن الدهون ليس حلاً للترهلات الشديدة في الوجه والرقبة التي يكون حلها الأفضل عمليات الشد الجراحي وتستطيع في نقاشك مع الطبيب اثناء زيارتك له أن تقرر ما هو أنسب لطبيعة مشكلتك.
– نسمع كثيراً مصطلح الخلايا الجذعية في الكلام عن الدهون، هل ممكن أن تعطينا فكرة عن الخلايا الجذعية؟
– الخلايا الجذعية هي خلايا من نوع خاص تمتلك القدرة المذهلة على التطور إلى خلايا وأنسجة مختلفة حتى تحل محل أو تصلح الخلايا التالفة في الجسم بطريقة ذاتية آمنة للجسم وخالية من الأعراض الجانبية.
– ماهي عوامل النمو وماتأثيرها؟
– عوامل النمو او ال growth factors من الحاجات التي تتواجد بشكل كبير في الدهون الذاتية وهي بروتينات وهرمونات ستيرويدية تحفز انقسام الخلايا ونموها وتكاثرها والتآم الجروح وتجديد الخلايا التالفة وتحفيز تكوين الكولاجين وأصبح لها دور كبير ومهم في اجراءات استعادة الشباب وازالة مظاهر الشيخوخة.
صورة حقن بالفيلر
– ما الفرق بين حقن الدهون والفيلر؟
– حقن الدهون يوفر إطلالة طبيعية بملمس طبيعي والخلايا الجزعية وعوامل النمو الموجودة في الدهون تساعد في إضفاء حيوية ونضارة للبشرة بالإضافة للإمتلاء.
حقن الفيلر آمن بشكل نسبي للغالبية التي تستخدمه لكن احتمالات المضاعفات مثل التحسس ورفض الجسم للفيلر مازالت موجودة كون الفيلر مادة غريبة عن الجسم في حين ان الدهون آمنة وخالية من هذا النوع من المضاعفات لأنها نسيج ذاتي. نسبة من الدهون التي يتم حقنها ممكن يفقدها الجسم في خلال اول ٦ شهور لكن المتبقي بعد ال ٦ شهور يستمر بشكل دائم في حين أن الفيلر يحتاج الحقن بشكل مستمر كل ست شهور إلى سنة.
وميزة من مزايا الدهون الذاتية هو إتاحة حقن كميات كبيرة ومناطق متعددة في نفس العملية مع انخفاض التكلفة العامة للحقن مقارنة بالكمية. لكن الفيلر يظل اختيار للراغبين في حل مؤقت لامتلاء بسيط بدون الدخول لغرفة العمليات.