بقلم : ندى يحيى✍️
بينما كنت أرقد هنا في منتصف الطرق أتأرجح بين الثبات والاهتزاز وبين التقدم والتراجع وبين الحيرة المزمنة والرغبة العارمة والصراع اللامتناهي في أن لا أستسلم للاعتيادية لأجد نفسي بعد كل ذلك أقف هنا تائهة في المنتصف اللعين .
ولأن اللعنة الآن تحتل عقلي وقلبي ويجتاحني الغضب العارم من فوضوية هذا العالم ليتسلل من بين كل ذلك بعض الأسئلة وفي مقدمتها:
ما الغرض من كل تلك الحروب؟
وهل الاستسلام هو ضعف أم ارتقاء بالنفس وترفع بها عن كل ما لا يستحق النضال؟
في الواقع أن الكثير من الإجابات على تلك الأسئلة مذبذبة ومتضاربة فالبعض قد يرى بأن الحياه تستحق النضال دائماً وأن الاستسلام مهما كانت أسبابه فهو وصمة عارٍ على صاحبه فالخلط هنا بين المعارك التي تستحق والتي لا تستحق كارثي فالحياة في وجهة نظر الكثير هي اسود وأبيض ولا مكان للرمادي وهنا تكمن الكارثة بين نضالٍ الى حد الموت او استسلام إلى حد الاندثار .
فحقيقة الحياه تكمن في اللون الرمادي هو الباب الأوسط لكل أمور الحياه للحفاظ على البقايا فالوعي الأكبر ليس في النضال المستمر رغم حتمية عدم استحقاق ما نناضل لأجله ولا في الاستسلام من العقبة الأولى ولكن النضج يكمن في إتخاذ القرار وفي تقييم الأمور ووضع كل الأشياء في موضعها الذي تستحقه، ماعدا ذلك فلا مجال لاستكمال الحرب ما دامت النتيجة هو استنزاف ماتبقى من أرواحنا في كذبة كبيرة تكمن في أن كل المعارك تستحق النضال .
ولأن الحياة بطبعها قد تختبرنا في أكثر ما نتمنى وفي أحب مانريد لذلك دائما نجد أنفسنا نشهق أنفاسنا الأخيرة لكي لا نترك طرف الخيط المتبقي مما كنا نريد رغم إدراكنا بأن الطرق قد انتهت إلى هنا وأن الحياة تُنذرنا منذ تلك اللحظة بأن نسلك الطرق البديلة بدلاً من تلك التالفة.
أعلم جيدًا بأن تقبل الخسارة والاختيارات البديلة هو أمر لا يحدث في لمح البصر وقد تستمع إلى قلبك حينها وهو يُكسر من قسوة ما ستشعر به في تلك اللحظات.
أدرك جيدًا معنى أن تشعر بأن العالم قد توقف هنا وكأنها النهاية، الجميع يدور حولك ويحصل على ما كنت تريد.
الأصوات تتعالى بين صرخات ونصائح وكلمات مليئة بأحرف مبعثرة تُثقل قلبك أكثر وأكثر وفجأة لن تستمع إلا إلى صوت دقات قلبك العالية جدًا وكأنها تريد أن تنذرك بشيء ما وربما تنذرك بالنهاية بعد كل تلك البعثرة .
ليس من الضروري أن تكون النهاية تعني أنفاسك الأخيرة ولكن قد تكون النهاية هي مصطلح يطلق على نهاية كل شيء ، نهاية الحب والألم والفوضى والبعثرة وربما حتى نهاية أفكارك القاتلة وشبحك الخفي الذي طالما كان قادرًا في كثيرٍ من الأحيان على قذفك إلى الهاوية.
لذلك لا تقلق حين تستمع إلى كلمة النهاية فالأمر ليس دائمًا يعني شبح الموت وتحديدًا في هذه الحالة ستكون النهاية هي بداية جديدة ربما كانت ممزوجة بالغضب والدموع وبعض من الإحباط ومشاعر الفشل ولكن في نهاية المطاف وُضعت نقطة النهاية لتبدأ سطرًا جديد يُرمم كل تلك الندوب السابقة .