آية عبده أحمد
في إحدى رحلاتي السياحية كانت وجهتي إلى مدينة الياسمين، بدأتُ جولتي وطلبتُ سيارة أُجرة فأخبرني السائق عن الأسواق والحدائق، حتى المسجد الأموي الذي يُعد من أهم المساجد في تلك المدينة لجودة عمارته.
وحدّثني عن المقامات التي أهمها مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- الذي يقصده كثير من الزوار، ثم المتاحف والجامعة العالمية العريقة التي بها عدة تخصصات.
ودار نقاش عن الصناعات المهمة ومطاحن الحبوب، حيث أنهم من أهم من يُصدّر القمح في العالم، وبالصدفة مررنا بإحدى المطاعم في إحدى الأحياء العريقة فترجَّلتُ من السيارة وذهبت لشراء بعض الطعام.
كان الشيف يُحَضِّر رغيف الخبز بنفسه في الهواء الطلق، وأظنه كان سببًا كافيًا؛ ليجذب كلّ من يأتي مارًا، كان الطعام لذيذًا وأحببته كثيرًا حتى أنهم ضيّفوني بعضًا من الحلوى، وأعدّوا لي قطعة بسبوسة ساخنة محشوة بالقشطة.
ثم عدت لأُكمل جولتي بالسيارة، وذهبنا لشارعٍ يُسمى ب”الشارع المستقيم”، حتى الشوارع هناك تحكي قصصًا من التاريخ، بعدها أنهيتُ جولتي بإحدى الحدائق المعروفة وهي: “حديقة تشرين”.
بعد نهاية اليوم كنتُ أفكّر في قائمة الأماكن التي سأزورها في اليوم التالي، ونمتُ أزاحم العصافير من فرط السعادة، أذكر أنني استيقظتُ في الصباح الباكر وذهبتُ نحو الشرفة وفي يدي كوبًا من القهوة.
منظر الساحة الذي تطلّ عليه نافذة غرفتي كان ساحرًا وفي غاية الروعة، فأجد الباعة المتجوّلين ومعهم ورود تخطف القلب والعقل؛ لجمال ترتيبها، وإبتسامات جميع المارة.
حتى ذلك الطفل الذي كان يركض، ثم وقع على الأرض، ورغم ألمه الذي بدا واضحًا على ملامحه لم يصرخ، بل ساعده إحدى بائعي الورد لينهض، وأعطاه وردة هدية، فتبدّلت ملامحه على عجل بضحكة جميلة.
بعدها خرجتُ لأجول الشوارع قليلًا، فأخذتني قدماي إلى متجر عطور، أسرتني رائحة الياسمين حينها؛ لذا ذهبتُ لأسأل عن إحدى العطور التي جذبتني.
قيل لي: أن مقدمة العطر زهر البرتقال والياسمين الدمشقي ومسك الروم، أما وسطه توت عرعر وخشب الصندل وبرغموت زهر السوسن، أما قاعدة العطر كان الفلفل الوردي باتشولي والعنبر مع الفانيلا.
ذلك العطر يأخذك طوعًا حيث تفاصيل زخرفة قلعة دمشق التاريخية، فاشتريته وقدّموا لي زيت الورد الدمشقي هدية، والذي هو من أميز العطور في العالم، حينها فقط تذكرتُ نزار قباني حين قال واصفًا منزله الدمشقي: “هل تعرفون معنى أن يسكُن الإنسان في قارورة عطر؟!”.