بقلم: شيماء_حسانين “رحيل”
أسيرُ وحيدًا في دروبي المليئة بالظلام، هائمًا لا أعلم أين وجهتي؟!
وأين يمكنني المسير؟!
الظلام قد عَم أركان دربي، وجعله موحِشًا، ومتهالكًا كالخرقةُ القديمة.
ولكن في نقطةٍ ما داخل هذا الدرب المليء بالأشجار الضخمةُ والعالية، أجد هناك من يُرافقُني.
أجل، هنا أحد ما يتحرك مع خطواتي، وما إن أمعنتُ النظر قليلًا حتر رأيته، لقد كان أنا، لا بل شيء مشوه يُشبهني.
كان كالظل يُرافقني، حتى وجدتُ أنه له جناحان عظيمان ومخيفان، كيف يكون هذا الظل لي أنا؟!
كيف تحولتُ من بشري لملاك؟!
أ يكون ملاكًا حقًا أم هو ما جاء إلى عقلي الآن؟!
أيعقل..؟!
ولمَ لا؛ فأنا لم أكن يومًا ملاكًا؛ كي بصبح ظلي كذلك، إذن من أنتَ أيها الظل أخبرني؟!
_أنا…. أنت، أنا شيطانك أيها الآدمي الأحمق، أنا من ولد معك وسيرحلُ معك، أنا من كُنتُ لكَ رفيقًا طوال رحتلك السيئة تلك.
ولكن أنت الآن مِِلكًا ليَّ، فقد فقدتُ آدميتك، وفقدتُ قدرتك على العودة من هذا الطريق.
أعترف أنني كنتُ شخصًا سيئًا للغاية، وأنني أستحقُ أن أعاقب على أفعالي.
_لا تجثو على ركبتيك.
سأفعل، حان الآن لي أن أعود إلى خالقي، وأن أطلب منه أن يعفو عني، وأن يعيدني إلى طريقه الذي خلقني لأجله، أنت أغويتني، وجعلتني أبتعد كثيرًا عن دربي الذي قدره الله لي، وخلقني لأجله.
_أنهض، لا مجال للعودة الآن.
بل هناك دائمًا مجال، هناك دائمًا بابًا سيفتح.
_لن يفتح لك شيء، ألا تتذكر أفعالك الشنيعة، وكلماتك التي كانت تُشبه السيوف التي تجز الأعناقُ جزَ.
أتذكر كل شيء، ولكنني لا أريد أن ينتهي دربي معك، سأستمر في مناجاة ربي.
_لن يحدث شيء أيها الأحمق، لقد أنتهي أمرك إلى الأبد.
لم ينتهي بعد، أنظر هناك، ها هو الضوء يعود من جديد.
ها هي الشمس تُشرق مرةً أخرى، لقد أخبرتك أن الأبواب لا تغلق، وأن نهايتي لم تأتي بعد، سأعود إلى آدميتي، سأعود إلي دربي الذي خُلقت لأجله.
_لا، لا هذا مستحيل، لا يمكنك أن تتركني هنا وترحل، لن تنجو مني، سأرافقك دائمًا، فأنا ظلك لا تنسى.
لن أنسى ولكن أنت عليك أن تتذكر ذلك، أنت لا تتحكم بي، ولكن أنا أستطيعُ أن أفعل، انتهيت الآن، وأنتهي ظلامك، وداعًا.
_ سأعود
ربما حين تعود لن تجدني، سيكون الله قد حررني منكَ للأبد.
نحن هكذا نحمل الخير والشر، ولكن يجب أن ندرك أننا من نختار هويتنا، ونحدد دربنا، وأنه مهما كان الشر الذي وصلنا إليه، سيفتح الله لنا باب التوبة دائمًا.