إسماعيل السيد
أمام القمح، أصرخ: أنا جائع!
لكن القمح لا يملك أذنًا،
ومن يملك الأذن يملك القمح،
ومن يملك القمح يده على الزناد.
أمام عازف ناي، أصرخ: أنا حزين!
ولكن الناي لا يملك فمًا،
فقط جُرح،
والجُرح نادرًا ما يرد بأكثر من تنهيدة،
أو أنه…
أمام الجندي، أصرخ:
أنا لا أملك بيتًا!
والجندي لا يفهم ما يعنيه البيت،
يظنه خندقًا يحميه من الطلقات،
أو مصرفًا يحرسه،
أو سجنًا يرميني فيه.
أمام الموت، أصرخ:
أنا بلا معطف وأشعر بالبرد!
لم يفهم ما أعنيه،
أشار لي إلى الجحيم، مع القتلة والصحفيين
وتجار النفط،
من صادروا منا المعاطف.
أمام عينيك قلت:
أنا ضائع!
لم تقل لي: أنت هنا.
لم تعرف معنى أن لا يجد عاشق نفسه
في عين أنثاه،
يعني أن لا يجد نفسه أبدًا.
أمام صف المغادرين من البلاد، صرخت:
أنا بلا ذاكرة!
خرجت جميع المناديل من الجيوب،
لتذكرني بنفير الراحلات من قلبي،
عبر ذات البوابة الخشنة.
أمام جُثة طفلة، قلت:
أعيدي إليّ زهرتي المُفضلة!
لم تفهم جثتها الطفلة تعقيدات الحُزن،
ففي كل طفلة تموت، ثمة زهرة تموت.
توجد زهور بعدد أطفال العالم،
لهذا كان العطر فيما مضى متوفرًا.
تضاءل العطر،
بحجم ما انتفخت الحرب بالأطفال.