فن

خادمات المنازل في مصر: بين الثقة والخيانة، وتجسيد درامي في “أشغال شقة”  

✍️رشا لاشين

في أروقة المنازل المصرية، خاصة بين الطبقات الراقية، تتشابك قصص الخادمات مع حياة الأسر، مما يخلق مزيجًا من الثقة والخيانة، والأمانة والغدر. لم تعد قضية استقدام خادمة مجرد رفاهية، بل أصبحت ضرورة لأصحاب البيوت الذين يحتاجون إلى من يساعدهم في أعمال المنزل، خاصة في الحالات التي تستدعي رعاية خاصة ودقيقة.

إحدى صديقاتي، وهي من عائلة أرستقراطية عريقة، تواجه معاناة شديدة في العثور على خادمة أمينة وذات احترافية عالية تحترم خصوصية المنزل وتؤدي عملها بضمير وصدق. رغم أن التجارب المريرة التي مرت بها دفعتها للتفكير في العمالة الأجنبية، إلا أنها لا تزال متمسكة بتوظيف خادمة مصرية، ربما بدافع الوطنية أو بحكم العشرة، لكنها في نفس الوقت لا تأمن غش مكاتب التوظيف وخداعهم. لا تزال في دوامة البحث عن الشخص المناسب، لكن دون جدوى.

وهذه ليست تجربة فردية، بل مشكلة تواجه العديد من الأسر المصرية، حتى الشخصيات العامة لم تكن بمنأى عنها.

مكاتب التوظيف: بين الغش والاستغلال

تعتمد الكثير من الأسر على مكاتب التوظيف في استقدام خادمات، لكن كثيرًا من هذه المكاتب تمارس الغش والتضليل. تقدم بعض المكاتب معلومات غير صحيحة عن الخادمات، وتخفي عن أصحاب البيوت سوابقهن، وأحيانًا يتم الاتفاق مع الخادمة على العمل لأسابيع قليلة ثم الهروب لبيت آخر، لتعيد الكرة مرة أخرى بمساعدة المكتب نفسه.

جرائم الخادمات في مصر: أرقام صادمة

وفقًا لتقرير مؤسسة “إدراك” للتنمية والمساواة لعام 2022، تم تسجيل 1006 جرائم عنف ضد النساء والفتيات في مصر، منها 442 جريمة ارتكبها أفراد من الأسرة أو شركاء حاليون أو سابقون، لكن كثيرًا من هذه الجرائم لم يتم الإفصاح عن الجاني الحقيقي فيها.

كما سجلت الصحف عشرات الحوادث التي تورطت فيها خادمات، من بينها:

جرائم سرقة كبرى: أسر عديدة تعرضت لسرقة مجوهراتها وأموالها على يد خادمات كن يعملن لديها لسنوات بثقة كاملة.

الابتزاز والتجسس: بعض الخادمات يستخدمن الهواتف لتسجيل مكالمات داخل المنازل، وابتزاز أصحابها لاحقًا.

العنف والقتل: في بعض الحالات، وصلت الجرائم إلى حد الاعتداء الجسدي أو حتى القتل، كما حدث في عدة حوادث موثقة بالصحف.

مشاهير تعرضوا لجرائم من خادماتهم

لم يسلم حتى الرجال المشاهير من خيانة خادماتهم، ومن أبرزهم:

عماد متعب – أسطورة الشياطين الحمر

نجم الكرة المصرية ونادي الأهلي، النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات القارية في إفريقيا، تعرض للسرقة على يد خادمته، التي استغلت ثقتها فيه وقامت بسرقة مشغولات ذهبية خاصة بزوجته يارا نعوم، إضافة إلى مبلغ مالي كبير. لكن بفضل يقظة رجال المباحث، تم القبض على الخادمة واستعادة المسروقات.

الكاتب الصحفي لويس جريس

الصحفي الكبير الراحل، زوج الفنانة سناء جميل، استقدم خادمة كينية لكنها كانت تتعامل بغلظة مع الضيوف، فاضطر إلى إنهاء خدماتها واستبدالها بأخرى إثيوبية. وعندما سألته عن سبب تفضيله للعمالة الأجنبية، قال إنها أكثر دقة وأمانة من الشغالات المصريات.

الفنان حسين فهمي

النجم الوسيم الذي لطالما كان محط الأنظار تعرض لسرقة مقتنيات ثمينة من منزله على يد خادمة عملت لديه لعدة أشهر قبل أن تختفي فجأة ومعها المسروقات، ولم يتم العثور عليها إلا بعد تحقيقات مطولة.

الإعلامي محمود سعد

من الإعلاميين المحبوبين في مصر، والذي اشتهر ببساطته وقربه من الناس، تعرض لسرقة مقتنيات ثمينة من منزله، واكتشف أن الخادمة التي وثق بها كانت تعمل لحساب إحدى العصابات، وتم الإيقاع بها لاحقًا.

مسلسل “أشغال شقة”: تجسيد درامي للواقع

مع تفاقم أزمة الخادمات في البيوت المصرية، جاء مسلسل “أشغال شقة” ليقدم معالجة درامية ساخرة لكنها واقعية، كاشفًا عن حجم المعاناة التي تعيشها الأسر في التعامل مع العاملات المنزليات. لم يقتصر العمل على عرض المواقف الكوميدية، بل تطرق إلى القضايا الخطيرة مثل فساد مكاتب التوظيف، وجرائم السرقة، والتجسس، وحتى الشعوذة التي قد تمارسها بعض الخادمات بدافع الحقد والغيرة.

قصة المسلسل:

تدور أحداث “أشغال شقة” حول أسرة راقية تبحث عن خادمة مناسبة، لكن كل محاولة تجلب معها سلسلة من الكوارث، بدءًا من خادمة سرقت أموال المنزل، إلى أخرى مارست السحر والشعوذة، وثالثة كانت تتجسس على الأسرة لصالح إحدى الجارات الحاقدات. الكوميديا السوداء في المسلسل تبرز المفارقة بين حاجة الأسر لخادمات وبين المخاطر التي تواجهها عند اختيار الشخص الخطأ.

أبطال المسلسل:

المسلسل من بطولة:

هشام ماجد

أسماء جلال

انتصار

الفنانة شيرين

سلوى محمد علي

مصطفى غريب

مي كساب

إيمان السيد

تأليف: خالد دياب وشيرين دياب

إخراج: خالد دياب

وفي رمضان القادم، سيتم عرض الجزء الثاني بعنوان “أشغال شقة جدًا”، حيث سيتم تسليط الضوء على المزيد من الأزمات الواقعية، مثل تسلل خادمات إلى منازل راقية بنوايا مبيتة، أو معاناة الأسر في العثور على خادمات محترفات دون التعرض للابتزاز أو السرقة.

الحلول الاجتماعية والأمنية: كيف نضمن حقوق أصحاب البيوت؟

1. تعديل قوانين العمالة المنزلية

يجب وضع قانون شامل ينظم تشغيل الخادمات، ويضمن حقوقهن وحقوق أصحاب المنازل.

تسجيل العاملات في سجلات رسمية حتى يسهل تتبع هويتهن في حالة ارتكاب جرائم.

2. مكاتب توظيف مرخصة وشفافة

وضع رقابة حكومية صارمة على مكاتب استقدام العمالة، ومنع الشركات غير المرخصة من العمل.

إجبار المكاتب على توفير سجل جنائي للعاملات وإثباتات أمانة، مثل شهادات حسن السير والسلوك.

3. الاعتماد على الكاميرات والمراقبة الداخلية

تركيب كاميرات مراقبة داخلية في المنازل، مع مراعاة الخصوصية، لحماية الأسر من أي جرائم محتملة.

الاحتفاظ بنسخ من بطاقات العاملات وأرقامهن القومية.

4. توفير بدائل تقنية

مع تطور التكنولوجيا، يمكن اللجوء إلى خدمات التنظيف بالساعة بدلًا من التوظيف الدائم، مما يقلل احتمالات السرقة أو التلاعب.

الخاتمة

بين معاناة الأسر المصرية مع الخادمات، وفساد بعض مكاتب التوظيف، وجرائم السرقة والخيانة، يظل الحل في التوازن بين البحث عن خادمة محترفة، ووضع أنظمة وقوانين صارمة تضمن حقوق جميع الأطراف. مسلسل “أشغال شقة” قدم صورة ساخرة لكنها قريبة من الواقع، ويبدو أن الجزء الثاني “أشغال شقة جدًا” سيكشف المزيد من الأسرار التي يعيشها الناس خلف الأبواب المغلقة.

فهل ستنجح الأسر المصرية يومًا في العثور على خادمة مثالية؟ أم أن هذه الأزمة ستظل قائمة ما دام لا يوجد نظام قانوني يحكمها؟ الأيام وحدها ستكشف الإجابة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!