تقرير: رشا لاشين
في أجواء فنية مفعمة بالتقدير والحنين، أقيمت ندوة تكريمية للمخرج الكبير هاني لاشين ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، وذلك تقديرًا لمسيرته الفنية وإسهاماته البارزة في إثراء السينما المصرية على مدى عقود من الإبداع.
جاءت الندوة في إطار دورة هذا العام التي تُقام تحت شعار “السينما في عصر الذكاء الاصطناعي”، لتؤكد على أهمية الجمع بين الأصالة الفنية والتطور التكنولوجي في المشهد السينمائي المعاصر.
تفاصيل الندوة
أقيمت الندوة يوم الأحد 5 أكتوبر 2025، وأدارها الكاتب والناقد أحمد سعد الدين، الذي استهل اللقاء بعرض فيلم وثائقي قصير تناول المحطات البارزة في مشوار المخرج الكبير، مستعرضًا أبرز أعماله التي شكلت علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية، ومنها:
“الباقي من زمن ساعة”، “عندما يأتي المساء”، “الأراجوز”، و**”أيوب”**.
الحضور والمشاركون
شهدت الندوة حضورًا مكثفًا من كبار الفنانين والمخرجين والنقاد، كان من أبرزهم:
المخرج عمر عبد العزيز
المخرج محمد عبد العزيز
الفنان خالد زكي
الفنانة منال سلامة
الفنانة سلوي محمد علي
إلى جانب عدد كبير من النقاد والصحفيين والعاملين في المجال السينمائي الذين حرصوا على حضور التكريم احتفاءً بتاريخ المخرج الكبير ومكانته الخاصة.
مضمون الندوة وأبرز ما جاء فيها
بدأت الندوة بعرض فيلم وثائقي تناول مراحل مسيرة لاشين الفنية، ليأخذ بعدها المخرج الكلمة معبرًا عن امتنانه العميق لهذا التكريم الذي وصفه بأنه “يُكرم جيلًا بأكمله من أبناء السينما المصرية”.
قال هاني لاشين إنه تَكوَّن فنيًا من خلال عمله إلى جوار مجموعة من الأساتذة الكبار في الإخراج والسينما، من بينهم محمود مرسي، صلاح أبو سيف، رفيق الصبان، علي الزرقاني، سعيد الشيخ، عواطف عبد الكريم، ورتيبة الحفني، مشيرًا إلى أنهم كان لهم الفضل في صقل موهبته وتكوينه الفني.
وأضاف أنه بدأ مسيرته في الإخراج بعد دراسته في أكاديمية الفنون، مؤكدًا أن مهرجان الإسكندرية السينمائي يحتل مكانة خاصة في قلبه، نظرًا لدوره في دعم السينما المصرية والعربية منذ تأسيسه.
كلمات المكرمين والزملاء
أكد المخرج عمر عبد العزيز أن تكريم هاني لاشين هو تكريم لجيل كامل من خريجي كلية الفنون الجميلة، موضحًا أن لاشين يتمتع بقدرة فريدة على جعل الصورة بطلة العمل السينمائي من خلال اهتمامه الشديد بالتفاصيل وتعبيره البصري العميق.
أما المخرج محمد عبد العزيز فقال إنه عرف هاني في بداياته كممثل ورآه وقتها مشروع نجم، لكنه أعرب عن سعادته لأن لاشين اختار طريق الإخراج الذي أثبت فيه تميزه. وأضاف معبرًا عن قلقه من تراجع المضمون الفني في الدراما الحالية، مشيرًا إلى أن “التقنية لا يمكن أن تُغني عن النص القوي والموهبة الأصيلة”.
الفنان خالد زكي عبّر عن سعادته الكبيرة بتكريم المخرج الكبير، متمنيًا أن يعود هاني لاشين وشقيقه محمد عبد العزيز إلى تقديم أعمال جديدة تثري الساحة السينمائية والدرامية.
كما تحدث بعض الحضور عن ضرورة التنوع في الإنتاج والجهات الداعمة للفن، مؤكدين أن محاربة الاحتكار هي الطريق الوحيد للحفاظ على استمرارية الإبداع الحقيقي.
ذكريات وأعمال مؤثرة
استعاد هاني لاشين ذكرياته مع الفنان العالمي الراحل عمر الشريف، مشيرًا إلى أن فيلم “أيوب” كان تجربة مميزة جمعتهما معًا، كما تحدث عن التعاون المثمر بينهما في فيلم “الأراجوز”، مؤكدًا أن الشريف كان مدرسة في الالتزام والاحتراف.
وأشار لاشين إلى أن رؤيته السينمائية تقوم على أن الكاميرا ليست مجرد عين ترصد، بل عين تتأمل وتشعر وتتساءل، مؤكدًا أن الصورة في السينما يجب أن تعبر عن الإحساس الإنساني العميق لا عن الرؤية البصرية فقط.
دلالات وتقييم الندوة
جاءت الندوة لتعكس تقديرًا رسميًا وشعبيًا لمسيرة هاني لاشين المتميزة، وتجسد احتفاءً بجيل من المبدعين الذين أسسوا لجماليات السينما المصرية الحديثة.
كما أكدت الكلمات التي ألقيت أن أعمال لاشين تمثل مدرسة فنية في التعامل مع الضوء والظل والزمن والمشاعر الإنسانية، وأن تكريمه ليس تكريمًا لفنان فحسب، بل هو تقدير لجيل من المخرجين الذين جعلوا من الصورة لغة تعبير راقية.
واختُتمت الندوة برسالة ملهمة مفادها أن الفن الحقيقي لا يشيخ، وأن السينما المصرية ما زالت قادرة على العطاء طالما ظل فيها مبدعون بحجم هاني لاشين.