ابداعات

*عاصفةٌ ساكنة*

بقلم : داليا عبدالناصر حنفي 

ثمة هدوءٌ لا يُطمئن…

هدوءٌ يشبه انسحاب الضوء من الغرفة، وكأنّ الأشياء تستعدّ لشيء لا يُرى

الوجوهُ ثابتة، الكلماتُ قليلة لكن تحت هذا السكون تتداخل نبضاتٌ مرتجفة لا يسمعها إلا صاحبها.

 

 قد يبدو الإنسانُ أحيانًا في قمّة الاتزان، وكأنه صفحةٌ بيضاء بينما الحكاياتُ التي يحملها تتشابك كسُحبٍ ثقيلة فوق صدره.

فما الذي يجعل الصمت درعًا؟

وأيّ ثقلٍ هو ذلك الذي لا يُقال لكنه يغيّر طريقة السير وطريقة النظر، وطريقة التنفّس؟

 

وفي منتصف هذا الصمت، تمرّ خاطرةٌ مبهمة…

وكأنّ شيئًا في الداخل يتساءل بلا كلمات

عن تلك اللحظة التي تتبدّل فيها الأرواح فجأة

حين يصبح الهدوء أشبه بتأجيلٍ طويل لصوتٍ يريد أن يعلو، لكنه لا يجد الطريق.

 

ربما ليس الهدوءُ طمأنينة، ولا العاصفةُ غضبًا.

ربما هما مرحلتان في رحلة لا يفهمها أحد

رحلة يختار فيها البعض أن يبتسموا بينما تركض أرواحهم في اتجاه آخر تمامًا.

ومهما طال هذا السكون

هناك دائمًا لحظة خفيفة… دقيقة جدًّا 

يتحرّك فيها شيء في الأعماق،كأنّ الروح تتذكّر قوتهاوتلتقط أنفاسها من جديد.

 

لحظةٌ لا تُرى، لكنها تُغيّر كلّ ما بعدها.

لحظةٌ تُشبه الشرارة التي تولد في قلب العاصفة

لا تهدم، ولا تُعلن، لكنها تُعيد ترتيب الروح بصمتٍ يليق بمن تعلّم أن ينجو دون أن يصرخ

وفي النهاية، لا ينكشف ما وراء الهدوء بالصوت، بل باللحظة التي يتحرّك فيها الداخل فجأة، ويستعيد الإنسان نفسه كما لو أنه وُلد من جديد، هكذا فقط تعبٌر العاصفة… لا تُحطمك، بل تُعيد ترتيبك بطريقة لا تنساها روحك .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!