لجين سامح
تبدأ الساعة في الضجيج، تيك تاك، تعلن عن السادسة صباحًا، يأخذ الهواء ملامح الغبار، الربيع يقف على الباب، يدقّ بحرص، بحذر..
تيك تاك، علي ارتداء ملابسي، والخروج لمعركة الحياة، الجلوس في المقعد الخلفي في الحافلة، أو الوقوف إن حالفني حظ الزحام.
لأصل في النهاية إلى المدرسة الثانوية، لاستمع للثرثرة اليائسة، واتشمم عطر الفانيليا الذي تضعه فتيات الصف الحمقاوات.
تيك تاك، ما زلت على الفراش، انظر إلى السقف، واتخيل يومًا كاملًا من الإزعاج.. ثم العودة والنوم، والاستيقاظ مع يوم كامل من الإزعاج.
هل تستحق الحياة حقًا؟ ترك المنزل والمغادرة كل صباح؟ .. امم.. لا أعلم، لكنها الطريقة الوحيدة للبقاء.
أتممت عامي الثلاثون بالأمس، خمسٌ منهم قضيتها بين المدرسة، والعطلة الصيفية، وحجرة المعلمين، أما الباقي؟
فكنت بطل رماية..
“تشيخوف بطل الرماية” هذا لقبي طوال خمسة عشر عام، المدرسة الإعدادية، الثانوية، والمرحلة الجامعية، ترى من يقدر على هزيمة تشيخوف بطل الرماية؟
تيك تاك، دقّات الساعة تفعل..
و؟ والمراهقين أيضًا يفعلون.
والرياضات المملة ايضًا، الدالة، والتربيع، وحساب المساحات..
نعم كما خمنت، أنا معلم رياضيات، هل لهذا أنال هذا الإزعاج؟ هل لو كنت فحسب معلم موسيقى هل كان الأمر سيتغير؟
امم.. أظنك أيضًا تمقت الرياضيات.
دعنا منها، ربما تستطيع قراءة حكايتي في عينيّ، ذلك الملل الصارخ، والتثاؤب المستمر طوال اليوم، وكوب القهوة المثلجة الذي بشكل ما لا ينفذ، وايضًا مثلث فيثاغورث.
ملامحي ؟ هي مجرد حلبة سباق، أنف طويل، عينين واسعتين، تغرقان في السواد، حاجبين كثين، فم متناسب تمامًا مع باقي المضمار، وشعرٌ أسودٌ مموجّ، احيانًا يكون حالك السواد..
دعني أقول إنني المعلم الوسيم، الرياضيّ، والمقيت بشكل لا يوصف، هذا من فعل الرياضيات.. كما تعلم.
تيك تاك، لم يعد هنالك وقت، الآن.. الحصة الثانية، الركض في الممرات، رائحة الفاينليا، سجائر، والمنظفات.
“كلٌّ إلى مقعده.. حالًا..”
استهزاء، صوت ضحك، ابتسامات سخرية، والعديد من الشتائم..
اكره المراهقين، بقدر كرهي للربيع.
” هل تعلم يا تشيخوف أن معلمة الفرنسية تقع في غرامك؟”
“جان.. إلى الخارج فورًا.”
اه.. بدأنا رحلة الجنون، باكرًا هذا اليوم..
” امتحان مفاجئ.. هيا، اخرجوا أوراق.”
تأفف، لعنات، نظرات حقدٍ وانزعاج
أما أنا؟ قمة سعادتي، أن أزعجهم، مثل ما يدفعونني إلى الجنون..
لم أخبرك عن المدرسة؟ لتعلم.. أن الحياة هي كل شيء لا تريده، كل شيء عارضته بشدة، كل شيء يدفعك للانهيار..
وماذا؟ باقي الحالات استثناء
معلمة الفرنسية، تسأل عنها؟ لا تقلق يا عزيزي، كل يوم.. جان بإمكانه خلق معجبة، غدًا ربما يخبرني أن الجرو في الحديقة معجب بي ويقع في غرامي.. مع غمزة وتهكمّ.
لا أخفيك سرًا.. أنا خالٍ، من كل شيء، الحب هو شيء لم احظى به أبدًا، لعلك تقول.. رجل في الثلاثون من عمره، وسيم ورياضي لم يحب أبدًا؟
امم.. يبدو أن الحكاية ستطول، سأحضّر قهوتي المثلجة، وآتيك.. لأخبرك الحكاية.