ابداعات

التوابل يا مجدي!

 

بقلم – جلال الدين محمد 

 

حرارة مرتفعة وكأننا في وسط أغسطس على الرغم من أننا في بداية إبريل، هكذا حوصرت في حافلة نقل عام عائدًا إلى منزلي، بعد إنجاز بعض المهام.

 

الوقوف في الحافلة؛ نظرًا لعدم وجود مكان للجلوس هو تدريب مجاني تقدمه هيئة النقل العام للمواطنين على الاتزان، ربما تدفع الآلاف للحصول على تدريب مشابه فهنيئًا لك سعيد الحظ الذي لا يملك سيارة، وأجبرتك الظروف على أن تعلق هنا.

 

وبينما أمسك بطرفي المقعد الذي يجلس عليه رجل في منتصف العمر، عابس الوجه، ورفيع الجسد، كأنه أنبوب قلم جاف، صرخ الرجل بينما يتلقى الاتصال العاشر من زوجته منذ إنطلاق الحافلة “حاضر يا ولية هجيب التوابل عليا الطلاق منك هجيبها”، قبل أن يُغلق الخط في انفعال ويلتفت إلي مباشرة قائلًا: “مليون مرة تتصل بيا عشان تقولي التوابل يا مجدي كرهتني في اسمي”، وكان ردي ببساطة “ربما تتوقع زيارة عطار وتريد تشريفك يا أستاذ مجدي”، ليضحك الجميع على ما قلت.

 

غادرت الحافلة سليمًا بطريقة ما، ودارت في ذهني فكرة غريبة، ماذا لو كان لكل إنسان نراه في حياتنا توأمًا من التوابل؟! ابتسمت من الفكرة في البداية، ولكن حقًا تخيلوا معي.

 

سيكون صديقك خفيف الظل، الذي لا يتوقف عن السباب بحجة المزاح أشبه بجوزة الطيب، حيث أن الأخير إذا حصلت على الكثير منه سيكون من المُسكرات، وما أسكر كثيره فقليله حرام، تمامًا مثل هذا الصديق الذي ستحصل على شيء من الذنوب إذا طالت جلستك معه.

 

ولكن من يمكن أن يكون الملح؟ لنُفكر معًا الملح هو من يجعل لكل شيء طعم مقبول، من دونه سيكون الطعام عادبًا وغير مُستساخ، وترشه الأمهات في المناسبات السارة لاعتقادها أنه يقي من الحسد. الأم يمكن أن تكون ملحًا فلا طعم لأي شيء من دونها.

 

أما الفلفل الأسود الذي يُعطي نكهة للحساء وأحب طعمه مع البيض المقلي، قد يكون كرة القدم فهي هوايتي التي أحب أكثر من أي هواية أخرى، وما نهوى ضروري لحياتنا، ولكن حياتنا تستمر بدونها.

 

هناك نوع من التوابل يُسمى ورق اللورا، حتى لو كان يُعطي نكهة جيدة للطعام لكن حاول إزالته بعد الطهي لأن شكله يجعلني أشعر أن هناك ورقة شجر في طعامي، مثل الكوبري الذي يمر أمام مسكني في القاهرة، قد يكون مُهمًا ولكني أغضب لمجرد رؤيته.

 

لن أنسى أستاذ مجدي الذي قابلته في الحافلة، هو أشبه بالقرفة، رفيع جدًا مثلها، ويبدو حاد الطباع، كطعم القرفة حين تبتلعها دون طهي. أرجو أن يكون قد تذكر التوابل؛ لكي لا تغضب زوجته.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!