بقلم : ندى يحيى
إلتقينا منذ سنوات بعيدة في وقت يشبه ذلك الوقت في أرقامه فقط رغم اختلاف ملامح كل شيء الآن حتى ملامحنا، ولكن كل ما أتذكره حينها أنني سألته بعد صراع كبير وأنا أحدق بقوة في عينيه أتربص للإمساك بإجابة تشبه تمامًا ما أردت سماعه رغم أنني أعلم جيدًا أننا سنهاب ما بعدها ولكن قررت أن أقول بصوت ممزوج بالألفة والخوف ” كيف حال ما بيننا؟ كيف يبدو في عينيك؟
تغيرت ملامحه في لحظة وأخفض رأسه خوفًا من أن تسبقه عينيه في الإجابة وأن تفصح بما يهرب منه فأظن أننا كتبنا هنا عهد الأبدية، ليقطع صوته الخافت المرتعش
“ بعثرة أفكاري حينها وهو يقول ” أخشى عليكِ مني
سكت كل شيء في تلك اللحظة حتى قلبي، نفضنا حينها من على أكتافنا ثقل مشاعر الخجل واستجمعنا قوانا لنحفظ ود ما بيننا قبل أن يسبقنا قرار الفراق ويغمر ألفتنا ، فقلت حينها بابتسامة خافتة : لا عليك ستمحو كل تلك الغيوم في الأجواء ثقل الليالي القادمة.
كان يُدرك جيدًا حبي للشتاء، ولنسمة الهواء الباردة التي تختلس لحظاتنا سويًا.
كانت برودة قلبي حينها أقسى من برودة الجو، لأول مرة أشعر بالبرد في وجوده.
كنت أعلم أننا سنتلاشى يومًا ما بعد ذلك ، فكثيرًا ما أحببت الأشياء التي لم تُحبني، وإن أحبتني فلم تُحبنا الحياة سويًا .
رغم ثقل إجابته التي لم تكن بالنسبة لي إجابة واضحة على سؤالي إلا أنه لم يكن يمتلك جراءة كافية للتوضيح، ولم أكن أنا أمتلك نفس تلك الجراءة لسؤاله مرة أخرى، وكأننا قررنا الإستمتاع بالوقوف في منتصف الطرق، ربنا يحدث شيئًا ما بعدها .
وحين مرت السنوات بيننا كان يكبر في عيننا ذلك الحب الفريد من نوعه، يشبه الحب بلا أمل، نصنع ذكريات كل يوم بدون عنوان، وتكبر في دواخلنا أسئلة بلا إجابات ونقف كل يوم في منتصف الطرق نودع أُلفتنا خوفًا من ألا نلقاها غدًا .
وها نحن اليوم، ما زلنا نقف في منتصف الطرق، ننتظر جوابًا ربما لن يأتي أبدًا، ونكتفي بطمأنينة السؤال بلا جواب.”