كتبت / سلمي سعيد
بيت الوقاد ليس مجرد مبنى قديم، بل هو تحفة معمارية نادرة تجمع بين عبق الماضي وروعة الحاضر. يحمل بين جدرانه قصة ممتدة لأكثر من قرن، تبدأ من عصر الخديوي إسماعيل، وتمر بمحطات من التاريخ المصري، لتظل شاهدة على أصالة العمارة وثراء التراث، ومصدر إلهام للفن والسينما على مر السنين.
قمنا بعمل لقاء مع أحد أصحاب بيت الوقاد الأستاذ هاني الوقاد، وتم سؤاله عن تاريخ البيت، فأوضح أن البيت تأسس منذ 140 عامًا وكان ملكًا للخديوي إسماعيل، وكان في منطقة جاردين سيتي. وبسبب الأزمة الاقتصادية التي مر بها الخديوي وقت حفر قناة السويس، باع البيت، فاشتراه الشيخ علي الوقاد جد والده ومؤسس عائلة الوقاد، الذي نقل ثلاث بوابات رئيسية إلى الموقع الحالي لأنه أحب هذا المكان الذي كان يُعرف قديمًا باسم صحراء المماليك، حيث كان مليئًا بآثار السلاطين والمماليك مثل السلطان الأشرف والسلطان قايتباي، أما اليوم فيُعرف باسم منطقة قايتباي.
وتابع “الوقاد” أن عملية النقل كانت دقيقة، حيث استقدم جده مهندسين من إنجلترا وفرنسا، فقاموا بترقيم الحجارة بالكامل، ثم نقلوها على عربات تجرها الخيول قديمًا، وأُعيد تجميعها هنا لتُشكل البيت من جديد، بما في ذلك حوض البستر الخاص بالخديوي إسماعيل الذي ما زال يحمل العلامة المميزة للخديوي. وأضاف أن جده كان من أكبر تجار الخيزران في ذلك الوقت، ومارس بعض الأحفاد المهنة لاحقًا، لكنها لم تعد شائعة اليوم.
وعن دور البيت في السينما، أشار إلى أن المبنى الأثري كان جزءًا من مواقع تصوير أعمال سينمائية مهمة، مثل فيلم حرب الفراولة وفيلم رسالة إلى الوالي بطولة الزعيم عادل إمام، بالإضافة إلى أفلام أخرى كان يتم تصوير بعض مشاهدها في البيت لما يحمله من طابع تاريخي يجذب المخرجين والمصورين.
وعن استمرار التصوير حتى الآن، أوضح أن الأسرة تضع شروطًا واضحة، فالتصوير لا يتم إلا إذا كان العمل هادفًا ويحمل رسالة، أما الأعمال غير المفيدة فلا يُسمح لها بالتصوير، وذلك حفاظًا على صورة المكان وسمعته، خصوصًا أن بعض الأعمال القديمة لم تُظهر البيت بالصورة التي يستحقها.
أما بشأن الصيانة والترميم، فأكد أن البيت من المفترض أن يكون تحت إشراف وزارة الآثار، لكنهم لا يقومون بأي أعمال صيانة، مما يضطر الأسرة لتحمل نفقات الإصلاحات رغم التكلفة الكبيرة بسبب المساحة الضخمة للبيت. وطالب “الوقاد” بضرورة تدخل الجهات المختصة للحفاظ على هذا التراث الفريد.