بقلم – جلال الدين محمد
ماكينة مخصصة لفتح زجاجات المياه البلاستيكية، ونعل للحذاء يُساعدك على إظهار شخصية قدميك، ولا ننسى الفاكهة التي تنمو في مكان ما في آسيا، وذلك النوع من الخضار الذي أزهر في غابات الأمازون.
كاد العم “صادق” أن يُجن وهو يراجع فواتير مشتريات ابنته “فدوى” ذات العشرين ربيعًا. على المستوى الشكلي كانت آية في الجمال، ولكن يبدو أن إدمان شراء كل شيء وأي شيء لا قيمة له قد تمكن منها تمامًا.
استغرق في التفكير لساعات طويلة، في الحقيقة هو لم يكن يفكر في المشتريات ولا أسعارها بل كان يريد أن يعرف فقط ما الذي يعنيه نعل حذاء يُظهر شخصية قدميك. وفيما تنفع شخصية القدم، تخيل معي أن تحصل على وظيفة لأن شخصية قدميك متوافقة مع قيم الشركة.
العقاب كان الحل الوحيد الصحيح في هذه المرحلة، ولكنه لابد أن يكون حكيمًا فيه، وأن يجعل الجزاء من جنس العمل، لعل هذه الشابة تتعقل وتتوقف عن إهدار الأموال فيما لا ينفع.
التقط الرجل هاتفه واتصل بالجومانة أخته العزيزة، التي بعد أن استغرقت في الضحك طويلًا، طمأنت أخيها قائلة دع الأمر لي. لم تكن كبيرة في السن بل أكبر من “فدوى” بعشرة سنوات فقط.
عبر تطبيق الانستجرام نشرت الجومانة إعلانًا عن قميص سحري، ترتديه يجعلك تطير، وأن أمرته صرت خفيًا. صفعتك وأنت ترتديه تهوي على فك أعدائك كالقنبلة، وإذا لبسته فتاة فوق فستان قديم صار في عين الجميع قطعة فنية لا مثيل لها.
طار عقل “فدوى” لدى رؤيتها للإعلان، وأرسلت للصفحة التي نشرته مُعلنة أنها ستدفع أي مبلغ ليكون من نصيبها، وبالتالي استجابتها لدعوة صاحب الصفحة بأن تذهب للعنوان المطلوب كانت منطقية تمامًا.
على مقعد وثير جلست العمة المتنكرة في هيئة ساحرة طاعنة في السن، والحق يُقال أنها اعتنت بجعل شكل الغرفة يبدو كغرفة عفريت من الجن، ومع الكثير من البخور الذي انتشرت رائحته في المكان، ارتعدت الشابة لدى دخولها إليه.
بدأت العمة في الهتاف بطلاسم مزيفة وهز رأسها على نحو أحمق بدا للفتاة مرعبًا، ثم صاحت ما الذي يجعلك مستحقة للقميص السحري؟ لماذا تريدين الحصول عليه؟
استجمعت “فدوى” شجاعتها وقالت، حتى أذهب لجميع المحال الكبرى في غمضة عين، وأحصل على العروض الجديدة أولًا بأول.
فردت الساحرة حسنًا، ولكن عليكي المرور بالاختبار أولًا إن نجحتي حصلتي عليه، وإن فشلتي لُعتني في حب الشراء، فلن يعد في إمكانكي بعدها سوى الحصول على ما تحتاجين إليه فعلًا.
هتفت الفتاة في صوت أطفال، هيا أرني أفضل ما لديك. فأخرجت الساحرة قميصًا قذرًا كانت رائحته بشعة بحق وأمرتها في صوت مخيف أن ترتديه، فلم تجرؤ “فدوى” على الرفض.
وحدث ما توقعته العمة تمامًا، بمجرد أن ارتدت “فدوى” القميص حتى قررت أن تجربه دون الانتظار لنهاية الاختبار، فالتقطت ما يشبه الحجر من الأرض، وقالت أنا غير مرئية فلتُفتح رأس الساحرة الشريرة.
ولكن قبل أن تكمل جملتها اندفع كلب شرس تجاهها في غضب. هو ليس مسحور بل كلب العمة التي غيرت شكله ليبدو جنيًا تجسد في كلب. ركض بدوره تجاه “فدوى” التي صرخت في رعب وركضت وهي تقول لن اشتري مجددًا لن أشتري أي شيء.
وهكذا أصبح لدينا ابنه مليونير تمزق عن جسدها القميص العفن، الذي لم يكن سوى قميص العمة في المرحلة الإعدادية وطبعت عليه عدة صفحات من كتاب الرياضيات للصف الثالث الاعدادي، تتوسل أبيها أن يصادر كافة بطاقات الائتمان لأنها لا تريد شراء أي شيء بعد الآن.
تبادل الأب مع أخته نظرة امتنان مصحوبة بالعتاب على قسوة العقاب، لكنه احتفظ سرًا بما تبقى من القميص السحري “تقريبًا” كتذكار..