سامح بسيوني
جاء رمضان بعد الغياب والاشتياق، وخفق الحنين لرؤياه وعز علينا الفراق، ولكن غابت أمة نامت في أعماق البحار، وانشغلت بأمور ليس لها أصل في الحياة.
وأصبح رويبضة الزمان ومنافقيها يتحدثون بلسانها بلا خجلان، وتكاتلت كل الأمم تأكل من قصعتها وقضوا على جميع خيراتها بلا استحياء.
وجاء الخوارجة وقسموا حدودها من شرقها إلى غربها ونهبوا خيراتها وتركوا شعوبها في حيرة وإملاق.
أمة كغثاء السيل فقذف الله فيها الداء وما زلنا نبحث عن الدواء، وكرهت لقاء ربها وتعلقت بالحياة؛ فكان مصيرها الوهن والضعف والخذلان.
جاء رمضان، وغابت المروءة والكرم عن أمة كان لها من الشهامة والنجدة لكل ملهوف وجائع في الحال، فتخاذلنا عن نصرة المستضعفين في غزة، وكأنهم ليسوا بإخوان، وارتوينا بالماء والشراب وبالطير بما اشتهينا، وبتنا في الدفء نتنعم ونسينا إخواننا في العراء.
ألهذا الحد هانت علينا أنفسنا فهُنَا على الله؟! وأصبح أمر الاستبدال بنا مستحق لنا في الآن والحال.
يا أمة العزة والكرامة، في سابق الزمان والمكان، أهنتِ على نفسكِ واستخففتِ بنفسكِ حتى صار حالكِ الخسران؟!
يا خوارزمي، وابن سينا، وابن ماجد وغيرهم من علماء العرب ايقظوا أمة نامت في ثبات وبئر الأعماق، وذكريهم بعزة أجداهم وٱبائهم في سالف الدهر والزمان.
يا أمة، هل تتنظري أن يعود صلاح من مرقده كما عاد عزيز ٱيه الله، فلا تتثبطي ففيكِ صلاح وقطز وبيبرس والمعتصم ينادي على الفلاح والجهاد، وايقظي ضميرًا نام على أعلى الجبال، واخرجي من بينكِ براثن الجهل والظلام، واجعلي رمضان بداية عزة وانتصار.
يا رمضان، أيقظ فينا مكارم الأخلاق، والهمة والإخلاص وذكرهم ببدر وحطين وعين جالوت والعاشر من رمضان، وربي أنفسنا على الحب والإيثار والعطاء، وارفع رايتنا للجهاد وحرك أجسادًا طريحة الفراش؛ حتى يعود النصر ويأتي التمكين للعباد، ويجعل الله الأرض ميراثًا للعباده الموحدين الصابرين على الدوام والحال.