هاجر متولي
الحياة بأكملها تدور حول الحب … حب الحياة، العمل، الرفاق، الجيران، وأن تجد شخصًا واحدًا يجعلك تكتفي به عن كل ما يدور بالحياة.
كل حُفر الروح المؤلمة يُرممها الحب، ويجعلها أرضًا خضراء، وجاهزة لأستقبال أي نمط من انماط السعادة، فترى أن المحبين يشتاقون لسكينة أرواحهم بمن يتيموا، وينبعث من قلوبهم الرفق ورؤية ما بالعالم من جمال، حتى لو كانت زقزقة عصفور أو لعب طفل، وربما تجده يألف الجمادات؛ لأنها تذكره بشيء ما قد اكتسبه محبوبه في يوم من الأيام.
لذلك تجدنا نهرب منه، لأنه يُعيد لنا شعور القلق تجاه أن نفتقده بعدما عثرنا عليه، فيكثر من النظر لحاله، ويجيد تنميق كافة الأشياء، ويفقد نظرته الدونية لذاته، ويرى أنه أصبح محط للاهتمام، وتكثر اسألته حيال ما يشعر به، فيعود مثقل الذهن، وبزحم تام.
يا عزيز القلب، هل وجدت يومًا حب ينتهى، فما ينتهي ما كان يومًا إلا أعجاب أو احتياج، الحب يفني أصحابه، ولا ينهيه شيئًا يومًا ما، الحب علامات القبول، والفرح، والاطمئنان… الحب سكينة تعم كل أرجاء الروح بلا إستثناء.
الحب هو الألفة ورفع الكلفة، ألا تجد ذاتك بحاجة إلى الكذب، وأن تصمتا فيحلو الصمت، وأن يتحدث أحداكما فيحلو الإصغاء… الحب أوله هزل، وأخره جد، فلا يمكن أن تدرك معانيه إلا بالمعاناة، هو أن تترك نفسك وكل ما يؤلمك بين يديه بلا حجاب، وأن يتوقف العالم كله، فلا تشعر بالزمن، ولا الأشخاص، وبمجرد رحيله عنك يبدأ الزمن والأحداث.
المسألة في الحب، ليس فقط أنه يجعل الإنسان سعيدًا، فما هذا إلا تبسيط مضلل… الحقيقة أن الحب ينهي كل اسئلة الإنسان تجاه نفسه، وهذا القلق بشأن مظهره، ويزيل انعدام الثقة أنه ما خلق إلا لينعم بجرعة الحب بين يديه، ويشعر برغبة شديدة في التقرب لمحبوبه، ويشعر في حضوره أنه طفل مدلل، بحاجة إلى اللطف والرعاية والأمتلاك.