هاجر متولي
جميعنا بلا استثناء قد مر بالعديد من الأزمات، قد سلبت منه الحياة، والخذلان الذي جعله يفقد الثقة في كافة البشر، وموت الأمل الذي لازمه في كافة الأشياء، وأصبح يسير بين الناس بلا هوية، كتلك الجمادات، التي تفقد الشعور بالأشياء، ولا يتمنى إلا أن ينفض عنه ثقل الأيام؛ حتى يستطيع أن يعيش بسلام.
ولا نتمنى إلا أن نلغي بعض ما مررنا به، حتى نقوى على إكمال هذه الحياة، وأن يجدنا شخص ما في زحمة الكثيرين المزيفين، وأن يسود الراحة والاطمئنان، وأن تعلو ضحكاتنا بلا حسبان، وتتفوه ألسنتنا بكل جمال.
نبتعد عن الكثيرين، رغم أننا نشتهي الحديث، تناقض غريب، وأغرب ما به أنه صادق، ولكن ابتعادنا لم يكن كرهًا، بل ألمًا، وتغيرنا لم يكن عبثًا، بل قهرًا، وكأن الزمان قد ترك تجاعيده على قلوب الجميع، فأصبحنا كائنات رمادية مُخبأة في ظلام الحياة.
أسيرة الظلام أنا، قيّدني ظلام العالم، وأطفأ النور بداخلي، فسرتُ عاجزة أن أسير في الحياة، إلا بدفئه… أتفوه كلماته، وأحاول مرارًا الهرب منه، ولكنه قيّدني بحبل لا ينفك إلا بممات روحي للأبد… لعلك تنفكِ يا روحي من قيد الظلام.
أصبحت مع الأيام رمادية… إمرأة رمادية تنتسب لعالم الرماديين، كان موطني الجديد مصدر راحة لي في بادئ الأمر، حتى صرتُ عاجزة عن حتى التفوه بالكلمات، هويتُ الصمت ففقدني القدرة على الكلام، وقيدني بحبله، فعجزتُ على الهروب، وتأملتُ نفسى، فأصابني فزع أن أعود يومًا للحياة، وحينها قررت التمرد والحرب.
واجهتُ الفشل مرات ومرات، وما أن أصر على البحث عن نوافذ الحياة، حتى استطعتُ النجاة.
رسالتي لك أيها الظلام، ولأسيرتك تلك التي تسكن بداخلي حتى الآن، أنا محاربة شجاعة، أنتظرك في ساحات الحياة، أنا من أنير لي دروبي، ولم أجعلك تفني ما تبقى بي من أمل، سأسير في طريق النور، وأفك مقاليد الحياة، وأصب الجنون في الدروب؛ لأملأ بها جوانب الحياة، وأعلن للرماديين، أني صرت حرة من هؤلاء، وأنقذ ما استطعت منهم، إن أرادوا الحياة.