ابداعات

طرف أقوى

هاجر متولي 

 

تميلُ قلوبنا للذين يشبهون أرواحنا، وتجد نفوسنا تأنس بقربهم وحديثهم، وتمر الساعات كدقائق ونحن معهم، وتطوف النفس بربيع يزهو أرجاء المكان.

 

ويصبح المرء حينها ثرثارً، يفضي بما في نفسه من أشياء، ويعبر عن كافة مشاعره بكل ثقة وثبات، ويضحى كطفل بمأمن، لا يُود الفراق والرحيل مهما حدث من أشياء، فهو لا يرى شيئًا سوى محبوبه في هذا العالم.

 

أن يكون لك بيت في صدر أحدهم ـ هذا هو الحب ـ أن تعلن عما بك من مساؤي دون خوف، وأنت على ثقة تامة بأن مشاعره لا تتغير، أن تشعر بما بك من جمال بحضرتك، وهو أيضًا حب.

 

ولكن هل الزواج ينهي ما بنا من حب؟ هل يرحل الحب حين نجتمع تحت سقف بيت؟ هل يقل الحب مع الأيام؟ هل ضغوطات الحياة تفتك حبال الود بين المتحابين؟

 

أرى أن الزواج لم يكن لمفاتن زوجة، ولا لوسامة رجل، وإنما كان للإعمار… إعمار بيت على مودة ورحمة وسكينة، ويكون محاط بسياج من طاعة الله.

 

ولكن هناك من يجهل أسس الشرع في التعاملات، ومنّا من تزوج وهو لا يعلم لمَ سعى لهذا يومًا ما، ومنّا من يفقد ملذات التعامل بين الطرفين، فتبوء الحياة حينها بالوحشة مع الأيام.

 

ويكون لزامًا بينهما أن يكن إحداهما أكثر عطاء، أو محبة، فيشقى لحبه، ويعطى بلا حساب، حتى يقع أثيرًا لتعاملات يفعلها بلا إدراك أو احساس.

 

فإن أجتمعنا على أن نكون معًا، وأن الخلاف يُعيد للحب هيبته، وأن السلام الذي يحل بعده، لم يكن هراء، ونعي أن الضغوطات هي حبل وتيد تزيده مهما كان.

 

ولنعلن ساحات الحب بلا توقف مهما كان، وإن أردنا الصمت، فليكن، ولكن لنعي حتى وإن كان كل منّا بمفرده، فنحن أيضًا وحيدين معًا، فلنجعل منه إتفاق.

 

لا لنكن طرف يعطي، وأخر يستقبل، لا ليكون أحدنا طرف أقوى في ساحة التعاملات، لنكن متحابين بشرع الله، ووحده سيكون به النجاة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!